أخبار ابن عائشة ونسبه
  عليّ بن أبي طالب، $، على بغلة وخلفه غلامان أسودان كأنهما من الشياطين، فقال لهما: امضيا رويدا حتى تقفا بأصل القرن الذي عليه ابن عائشة، فخرجا حتى فعلا ذلك. ثم ناداه الحسن: كيف أصبحت يا بن عائشة؟
  قال: بخير، فداك أبي وأمي، قال: انظر من إلى جنبك، فنظر فإذا العبدان، فقال له: أتعرفهما؟ قال: نعم، قال:
  فهما حرّان لئن لم تغنّني مائة صوت لآمرنّهما بطرحك في البئر، وهما حرّان لئن لم يفعلا لأقطعنّ أيديهما، فاندفع ابن عائشة فكان أوّل ما ابتدأ به صوتا له وهو:
  ألا للَّه درّك من ... فتى قوم إذا رهبوا
  ثم لم يسكت حتى غنّى مائة صوت، فيقال إن الناس لم يسمعوا من ابن عائشة أكثر مما / سمعوا في ذلك اليوم، وكان آخر ما غنّى:
  صوت
  قل للمنازل بالظَّهران(١) قد حانا ... أن تنطقي فتبيني القول تبيانا
  قال جرير: فما رئي يوم أحسن منه، ولقد سمع الناس شيئا لم يسمعوا مثله، وما بلغني أن أحدا تشاغل عن استماع غنائه بشيء، ولا انصرف أحد لقضاء حاجة ولا لغير ذلك حتى فرغ. ولقد تبادر الناس من المدينة وما حولها حيث بلغهم الخبر لاستماع غنائه، فيقال: إنه ما رئي جمع في ذلك الموضع مثل ذلك الجمع، ولقد رفع الناس أصواتهم يقولون له: أحسنت واللَّه، أحسنت واللَّه، ثم انصرفوا حوله يزفّونه إلى المدينة زفّا.
  نسبة ما في هذا الخبر من الأغاني
  منها:
  صوت
  ألا للَّه درّك من ... فتى قوم إذا رهبوا
  وقالوا من فتى للحر ... ب يرقبنا ويرتقب
  فكنت فتاهم فيها ... إذا تدعى لها تثب
  ذكرت أخي فعاودني ... رداع(٢) السّقم والوصب
  كما يعتاد ذات البوّ بعد سلوّها الطَّرب(٣) على عبد بن زهرة بتّ طول الليل أنتحب(٤)
(١) الظهران: واد قرب مكة وعنده قرية يقال لها مرّ تضاف إلى هذا الوادي فيقال مرّ الظهران.
(٢) الرداع: النكس.
(٣) الطرب هنا: الحزن.
(٤) ورد هذا الحديث في أ، م، ء، ط، هكذا: