نسب أشجع وأخباره
  تغلي إذا ما الشّعريان تلظَّيا ... صيفا وتسكن في طلوع المرزم(١)
  ولقد فضضناها بخاتم ربّها ... بكرا وليس البكر مثل الأيّم
  ولها سكون في الإناء وخلفها ... شغب يطوّح بالكميّ المعلم
  / تعطى على الظَّلم الفتى بقيادها ... قسرا وتظلمه إذا لم يظلم
  الرشيد يفضل أبا نواس عليه في وصف الخمر
  فقال لي الرّشيد: قد عرفت تعصّبك على أبي نواس، وإنك عدلت عنه متعمدا، ولقد أحسن أشجع، ولكنه لا يقول أبدا مثل قول أبي نواس:
  يا شقيق النّفس من حكم ... نمت عن ليلي ولم أنم
  فقلت له: ما علمت ما كنت فيه يا أمير المؤمنين، وإنما أنشدت ما حضرني، فقال: حسبك قد سمعت الجواب.
  قال الفضل: وكان في إسحاق تعصّب على أبي نواس لشيء جرى بينهما.
  الواثق يطرب لشعر أشجع ويستعيده
  أخبرني محمد بن مزيد، قال: حدثنا حمّاد بن إسحاق، عن أبيه، قال:
  اصطبح(٢) الواثق في يوم مطير، واتصل شربه وشربنا معه حتى سقطنا لجنوبنا صرعى، وهو معنا على حالنا، فما حرّك أحد منا عن مضجعه، وخدم الخاصة يطوفون علينا ويتفقدوننا، وبذلك أمرهم، وقال:
  لا تحرّكوا أحدا عن موضعه، فكان هو أول من أفاق منا، فقام وأمر بإنباهنا فأنبهنا فقمنا فتوضأنا وأصلحنا من شأننا، وجئت إليه وهو جالس وفي يده كأس، وهو يروم شربها، والخمار يمنعه، فقال لي: يا إسحاق، أنشدني في هذا المعنى شيئا، فأنشدته قول أشجع السّلميّ:
  ولقد طعنت الليل في أعجازه ... بالكأس بين غطارف كالأنجم
  يتمايلون عن النّعيم كأنّهم ... قضب من الهنديّ لم تتثلَّم
  وسعى بها الظَّبي الغرير يزيدها ... طيبا ويغشمها إذا لم تغشم
  والليل منتقب بفضل ردائه ... قد كاد يحسر عن أغرّ أرثم
  وإذا أدارتها الأكفّ رأيتها ... تثني الفصيح إلى لسان الأعجم
  / وعلى بنان مديرها عقيانة ... من لونها(٣) وعلى فضول المعصم
  تغلي إذا ما الشّعريان تلظَّيا ... صيفا وتسكن في طلوع المرزم
  ولقد فضضناها بخاتم ربّها ... بكرا وليس البكر مثل الأيّم
  ولها سكون في الإناء وخلفها ... شغب يطوّح بالكميّ المعلم
(١) الشعريان والمرزم: نجوم.
(٢) في ب، س: أصبح.
(٣) في «المختار»: من سكبها.