أخبار ابن مفرغ ونسبه
  قبح الإله ولا يقبّح غيره ... وجه الحمار ربيعة بن مفرّغ
  وجعل عبّاد يتضاحك به، فخرج ابن ابن مفرّغ من عنده وهو يقول: واللَّه لا يذهب شتم شيخي باطلا، وقال يهجوه بقوله:
  أصرمت حبلك من أمامه ... من بعد أيّام برامه
  / فالرّيح تبكي شجوها ... والبرق يضحك في الغمامة
  لهفي على الأمر الذي ... كانت عواقبه ندامه
  تركي سعيدا ذا النّدى ... والبيت ترفعه الدّعامه
  فتحت سمرقند له ... وبنى بعرصتها خيامه
  وتبعت عبد بني علا ... ج(١)، تلك أشراط القيامة!
  جاءت به حبشيّة ... سكَّاء(٢) تحسبها نعامه
  / وشريت بردا ليتني ... من بعد برد كنت هامه
  أو بومة(٣) تدعو صدى ... بين المشقّر واليمامة
  فالهول يركبه الفتى ... حذر المخازي والسّآمه
  والعبد يقرع بالعصا ... والحرّ تكفيه الملامه
  قال(٤): ثم لجّ في هجاء بني زياد حتى تغنّى أهل البصرة في أشعاره، فطلبه عبيد اللَّه طلبا شديدا حتى كاد يؤخذ، فلحق بالشام.
  واختلفت الرّواة فيمن ردّه إلى ابن زياد، فقال بعضهم: معاوية، وقال بعضهم: يزيد، والصّحيح أنه يزيد؛ لأن عبّاد بن زياد إنما ولي سجستان في أيام يزيد. وقال بعضهم: بل الذي ولَّاه معاوية، وهو الذي ولَّى سعيد بن عثمان خراسان.
  سعيد بن عثمان يعاتب معاوية لأنه جعل البيعة لابنه يزيد
  أخبرني محمّد بن العبّاس اليزيديّ، وعبيد اللَّه بن محمد الرازيّ(٥)، قالا: حدثنا أحمد بن الحارث، عن المدائنيّ قال:
  دخل سعيد بن عثمان على معاوية بن أبي سفيان فقال: علام جعلت يزيد وليّ عهدك دوني؟ فو اللَّه لأبي خير من أبيه، وأمّي خير من أمه، وأنا خير منه، وقد ولَّيناك فما عزلناك، وبنا نلت ما نلت، فقال له معاوية: أمّا قولك:
  إنّ أباك خير من أبيه فقد صدقت لعمر اللَّه؛ إن عثمان لخير منّي، وأما قولك: إن أمك خير من أمّه، فحسب المرأة أن تكون في بيت قومها وأن يرضاها بعلها وأن ينجب ولدها. وأما قولك: إنّك خير من يزيد، فو اللَّه يا بنيّ ما يسرّني
(١) بنو علاج: بطن من ثقيف.
(٢) سكاء: صغيرة الأذنين.
(٣) ب: «فهامة». وفي «المختار»: «هتافة» بدل «أو بومة». وفي مد، ف: «هي هامة».
(٤) ف: «قالوا».
(٥) ف: «عبد اللَّه بن أحمد الرازي».