أخبار ابن عائشة ونسبه
  ألا هل هاجك الأظعا ... ن إذ جاوزن مطَّلحا
  ففعل. ثم قال له: غنّي:
  جلا أميّة عنّي كلّ مظلمة ... سهل الحجاب وأوفى بالذي وعدا
  / ففعل. ثم قال له: غنّني
  أتنسى(١) إذ تودّعنا سليمى ... بفرع بشامة(٢) سقي البشام
  / ففعل. ثم قال(٣): يا سبرة، أو يا أبا سبرة، اسقني بزبّ فرعون؛ فأتاه بقدح معوجّ فسقاه به عشرين، ثم أتاه الحاجب فقال: أصلح اللَّه أمير المؤمنين، الرجل الذي طلبت بالباب؛ قال: أدخله، فدخل شابّ لم أر شابّا أحسن وجها منه، في رجله بعض الفدع(٤)، فقال: يا سبرة اسقه، فسقاه كأسا؛ ثم قال له: غنّني:
  وهي إذ ذاك عليها مئزر ... ولها بيت جوار من لعب
  فغنّاه؛ فنبذ إليه الثوبين. ثم قال له: غنّني:
  طاف الخيال فمرحبا ... ألفا برؤية زينبا
  فغضب معبد وقال: يا أمير المؤمنين، إنا مقبلون عليك بأقدارنا وأسناننا، وإنك تركتنا بمزجر الكلب، وأقبلت على هذا الصبيّ! فقال: واللَّه يا أبا عبّاد، ما جهلت قدرك ولا سنّك، ولكنّ هذا الغلام طرحني في مثل الطَّناجير(٥) من حرارة غنائه. قال حمّاد الرواية: فسألت عن الغلام فقيل لي هو ابن عائشة.
  نسبة ما في هذا الخبر من الأغاني
  صوت
  جلا أميّة عنّي كل مظلمة ... سهل الحجاب وأوفى بالذي وعدا
  إذا حللت بأرض لا أراك بها ... ضاقت عليّ ولم أعرف بها أحدا
  الغناء لابن عبّاد الكاتب خفيف ثقيل بإطلاق الوتر في مجرى البنصر عن إسحاق. وذكر عمرو بن بانة أنه لعمر الواديّ. وذكر حبش أن فيه لمالك لحنا من خفيف الثقيل الأوّل بالوسطى.
  ومنها:
(١) هكذا في الأصول و «الديوان»، وفي «اللسان»: «أتذكر يوم تصقل عارضيها» وأورد صاحب «اللسان» لهذا الصدر رواية أخرى نسبها للتهذيب وهي «أتذكر إذ تودّعنا سليمى».
(٢) بشامة: واحدة البشام، وهو شجر طيب الريح والطعم يستاك به، والمعنى أنها أشارت بسواكها تودّعه ولم تتكلم خيفة الرقباء.
(٣) كذا في ح، م. وفي سائر النسخ: «ثم قال له يا سبرة» ولا موقع لكلمة «له» في الكلام.
(٤) الفدع: عوج وميل في المفاصل خلقة أو داء، وأكثر ما يكون في الرسغ من اليد والقدم.
(٥) الطناجير: جمع طنجير، والطنجير ذكره صاحب «القاموس» ولم يبين معناه، وإنما قال: إنه معرّب فارسيته باتيله، ويؤخذ من كلام شارحه أنه يقال على القدر من النحاس حيث قال: والطنجير كناية عن الجبان واللئيم، هكذا تستعمله العرب في زماننا وكأنهم يعنون به الحضري الملازم أكله في قدور النحاس وصحونه. وفي أقرب الموارد: والطنجرة: قدر من نحاس دخيلة والطنجير وعاء يعمل فيه الخبيص، معرّب. وفي ح: «الطياجين» جمع طيجن وهو الطاجن (المقلى) وهو بالفارسية تابه.