أخبار الزبير بن دحمان
  صوت
  ارحلا صاحبيّ حان الرّحيل ... وابكياني فليس تبكي الطَّلول
  / قد تولَّى النّهار وانقضت الشّ ... مس يمينا وحان منها أفول
  لحن هذا الصوت خفيف ثقيل.
  قال:
  فسمعت واللَّه صنعة حسنة متقنة لا مطعن عليها، فطرب الرّشيد واستعاده هذا الصّوت ثلاث مرّات، وأمر له بثلاثين ألف درهم، ولأخيه بعشرين ألف درهم. ثم لم يزل زبير معنا كواحد منا، وانحاز عبيد اللَّه(١) إلى جنبة إبراهيم بن المهديّ، فكان معه. قال حمّاد: فقلت لأبي: كيف كانت صنعة عبيد اللَّه(١)؟ قال: أنا أجمل لك القول، لو كان زبير مملوكا لاشتريته بعشرين ألف دينار، ولو كان عبيد اللَّه مملوكا ما طابت نفسي على أن أشتريه بأكثر من عشرين دينارا، فقلت: قد أجبتني بما يكفيني.
  يغني الرشيد بشعر مدحه به
  حدّثني رضوان بن أحمد الصّيدلانيّ، قال: حدثنا يوسف بن إبراهيم، قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن المهديّ، ومحمد بن الحارث بن بسختّر: أنّ الرّشيد كتب في إشخاص الزّبير بن دحمان إلى مدينة السّلام(٢)، فوافاها واتّفق قدومه في وقت خروج(٣) الرّشيد إلى الرّيّ لمحاربة بندار هرمز أصبهبد طبرستان، فأقام الزّبير بمدينة / السّلام إلى أن دخل الرّشيد، فلما قدم دخل عليه بالخيزرانة(٤)، وهو الموضع الذي يعرف بالشّمّاسيّة(٥)، فغنّاه في أول غنائه صوتا في شعر قاله هو أيضا في الرّشيد مدحه به، وذكر خروجه إلى طبرستان وهو:
  صوت
  ألا إنّ حزب اللَّه ليس بمعجز ... وأنصاره في منعة المتحرّز
  أبى اللَّه أن يعصى لهارون أمره ... وذلَّت له طوعا يد المتعزّز
  إذا الرّاية السّوداء راحت أو اغتدت ... إلى هارب منها فليس بمعجز
  لطاعت لهارون العداة لدى الوغا ... وكبّر للإسلام بندار هرمز(٦)
  لم أجد هذا الصّوت منسوبا في شيء من الكتب إلَّا في كتاب بذل، وهو فيه غير مجنس.
  وذكر إبراهيم بن المهدي أنّ الشّعر للزّبير بن دحمان، وهذا خطأ؛ الشّعر لأبي العتاهية وهو موجود في شعره من قصيدة طويلة مدح بها الرشيد.
(١) ب: «عبد اللَّه».
(٢) مدينة السلام هي بغداد.
(٣) ب: «يخرج الرشيد ...».
(٤) ف: «الخيزرانية».
(٥) الشماسية: منسوبة إلى بعض شماسي النصارى، وهي مجاورة لدار الروم التي في أعلى مدينة بغداد. («معجم ياقوت»).
(٦) ف:
«أطاعت ... لذي الوغا ..... وكفّر للإسلام «