كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب العماني وخبره

صفحة 464 - الجزء 18

  الشّيبانيّ، قال: أخبرني أبو خالد الطائيّ، عن جبير بن ضبينة الطائيّ، قال: أخبرني الفضل⁣(⁣١)، قال:

  حضرت الرّشيد يوما وجلس للشعراء، فدخل عليه الفضل بن الرّبيع وخلفه العمانيّ، فأدناه الرّشيد واستنشده، فأنشده أرجوزة له فيه، حتى انتهى إلى هذا الموضع:

  قل للإمام المقتدى بأمّه⁣(⁣٢): ... ما قاسم دون مدى ابن أمّه

  وقد رضيناه فقم فسمّه

  قال: فتبسّم الرّشيد ثم قال: ويحك! أما رضيت أن أولَّيه العهد وأنا جالس حتى أقوم على رجلي! فقال له العمانيّ: ما أردت يا أمير المؤمنين قيامك على رجليك؛ إنما أردت قيام العزم، قال: فإنا قد ولَّيناه العهد، وأمر بالقاسم أن يحضر. ومرّ العمانيّ في أرجوزته يهدر حتى أتى على آخرها، وأقبل القاسم فأومأ إليه الرشيد، فجلس مع أخويه فقال له: يا قاسم، عليك جائزة هذا الشّيخ، فقد سألنا أن نولَّيك العهد وقد فعلنا، فقال: حكمك يا أمير المؤمنين، فقال: وما أنا وهذا! بل حكمك، وأمر له الرّشيد بجائزة، وأمر له القاسم بجائزة أخرى مفردة.

  يمدح أبا الحرّ التميمي

  أخبرني محمد بن مزيد، قال: حدّثنا حمّاد بن إسحاق، عن أبيه قال:

  دخل محمد بن ذؤيب العمانيّ على أبي الحرّ التّميميّ بالبصرة، فأطعمه وسقاه وجلَّله بكساء فقال فيه:

  إن أبا الحرّ لعين الحرّ ... يدفع عنّا سبرات القرّ⁣(⁣٣)

  باللحم والشّحم وخبز البرّ ... ونطفة مكنونة في الجرّ⁣(⁣٤)

  يشربها أشياخنا في السّرّ ... حتى نرى حديثنا كالدّرّ

  ويمدح عبد الملك بن صالح فيثيبه

  أخبرني محمد بن مزيد، قال: حدّثنا حمّاد⁣(⁣٥)، عن أبيه، قال:

  قصد العمانيّ عبد الملك بن صالح / الهاشميّ متوسّلا به إلى الرشيد في الوصول إليه مع الشعراء، ومدح عبد الملك بقصيدته التي يقول فيها:

  نمته العرانين⁣(⁣٦) من هاشم ... إلى النّسب الأوضح الأصرح

  إلى نبعة فرعها في السماء ... ومغرسها سرّة الأبطح

  فأدخله عبد الملك إلى الرّشيد بالرّقة فأنشده:

  هارون يا بن الأكرمين حسبا ... لما ترحّلت فكنت كثبا

  من أرض بغداد تؤمّ المغربا ... طابت لنا ريح الجنوب والصّبا


(١) ف: «أبو خالد عن يحيى بن صفية الطائي، قال: أخبرني الفضل».

(٢) أمّ القوم وبهم: تقدّمهم.

(٣) السبرات جمع سبرة، وهي الغداة الباردة.

(٤) ب: «في الحر» والجر جمع جرّة، وهي إناء من خزف.

(٥) ف: «حماد بن إسحاق».

(٦) ف: «الغرانيق». وعرانين القوم: سادتهم وأشرافهم.