أخبار عروة بن أذينة ونسبه
  واللَّه إنّي لأكره أن تكون قريش قتلى تحت بطون الكواكب. قال: فوقع العراقيّون يشتمون طلحة وسكت عليّ وسكتّ، حتى إذا فرغوا أقبل عليّ # عليّ فقال: إيه يا بن الفقيمة، واللَّه إنه وإن قالوا ما سمعت لكما قال أخو جعفيّ:
  فتى كان يدنيه الغنى من صديقه ... إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر
  ثم أردت أن أكلَّمه بشيء فقلت: يا أمير المؤمنين، فقال: وما منعك أن تقول: يا أبا الحسن(١)! فقلت:
  أبيت، فقال: واللَّه إنّها لأحبّهما إليّ ولولا الحمقى، ولوددت أني خنقت بحبل حتى أموت قبل أن يفعل عثمان ما فعل، وما أعتذر من قيام بحقّ، ولكنّ العافية مما ترى كانت خيرا.
  ذهب مع أبيه لمكة ورأى حريق الكعبة
  حدّثنا محمد خلف وكيع، والحسن بن عليّ الخفّاف، قالا: حدّثنا الحارث بن أبي أسامة، قال: حدّثنا محمد بن سعد، عن الواقديّ، عن عبد اللَّه بن يزيد، عن عروة بن أذينة، قال:
  قدمت مع أبي مكَّة يوم احترقت الكعبة، فرأيت الخشب وقد خلصت إليه / النّار، ورأيت الكعبة متجرّدة، من الحريق، ورأيت الرّكن قد اسودّ وتصدّع من ثلاثة أمكنة، فقلت: ما أصاب الكعبة؟ فأشاروا إلى رجل من أصحاب ابن الزّبير فقالوا: هذا احترقت بسببه؛ أخذ قبسا في رأس رمح، فطيّرت الرّيح(٢) منه شيئا، فضربت أستار الكعبة فيما بين اليمانيّ إلى الأسود.
  وفد على هشام فذكَّره بشعره في القناعة ولامه ثم ندم فأرسل إليه جائزة
  حدّثني محمد بن جرير الطَّبريّ وحفظته، وأخبرنا به أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، وحبيب بن نصر المهلَّبيّ قالوا: حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدّثني عمر بن محروس الورّاق بن أقيصر السّلميّ، قال: حدّثنا يحيى بن عروة بن أذينة، قال:
  أتى أبي وجماعة من الشعراء هشام بن عبد الملك، فنسبهم، فلما عرف أبي قال له: أنت القائل:
  لقد علمت وما الإسراف من خلقي ... أنّ الذي هو رزقي سوف يأتيني(٣)
  أسعى له فيعنّيني تطلَّبه ... ولو جلست(٤) أتاني لا يعنّيني
  هذان البيتان فقط ذكرهما المهلَّبيّ والجوهريّ، وذكر محمد بن جرير في خبره الأبيات كلها:
  وأنّ حظَّ امرئ غيري سيبلغه ... لابدّ لابدّ أن يحتازه(٥) دوني
  لا خير في طمع يدني لمنقصة ... وغفّة(٦) من قوام العيش تكفيني
  / لا أركب الأمر تززي بي عواقبه ... ولا يعاب به عرضي ولا ديني
(١) ف: «يا أبا حسن».
(٢) في «تاريخ الطبري» ٥ - ٤٩٩ ط. المعارف: «فطيرت الريح به».
(٣) في «الشعر والشعراء» ٢ - ٥٧٩:
... فما الإسراف في طمعي»
وفي اللسان (شرف):
«وما الإشراف في طمعي»
(٤) ف، و «الشعر والشعراء» ٢ - ٥٧٩، و «التجريد»:
«ولو قعدت»
(٥) مج، «التجريد»: «يجتازه».
(٦) ف، «التجريد»، س:
«وغبر من كفاف العيش»
وفي «المختار»:
«وغفة من كفاف العيش»
والغفة: البلغة من العيش.