أخبار عروة بن أذينة ونسبه
  مرّت امرأة بابن أذينة وهو بفناء داره فقالت له: أأنت ابن أذينة؟ قال: نعم، قالت: أأنت الذي يقول النّاس إنّك امرؤ صالح(١)، وأنت الَّذي تقول:
  إذا وجدت أوار الحبّ في كبدي ... عمدت نحو سقاء القوم أبترد
  / هبني بردت ببرد الماء ظاهره ... فمن لحرّ على الأحشاء يتّقد!(٢)
  أبو السائب المخزومي يطلب إنشاده شعرا قاله عروة
  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء، قال: حدّثنا الزّبير بن بكَّار، قال: حدّثني عمّي، عن عروة بن عبد اللَّه، وأخبرنا به وكيع، عن هارون بن الزّيّات، عن الزّبيريّ، عن عمه، عن عروة بن عبد اللَّه، وذكره حمّاد، عن أبيه، عن الزّبيريّ، عن عروة هذا قال:
  كان عروة بن أذينة نازلا في دار أبي بالعقيق، فسمعه ينشد:
  صوت
  إنّ التي زعمت فؤادك ملَّها ... جعلت هواك كما جعلت هوى لها
  فبك الَّذي(٣) زعمت بها وكلاكما ... يبدي لصاحبه الصّبابة كلَّها
  ويبيت بين جوانحي حبّ لها ... لو كان تحت فراشها لأقلَّها(٤)
  ولعمرها لو كان حبّك فوقها ... يوما وقد ضحيت إذا لأظلَّها
  وإذا وجدت لها وساوس سلوة ... شفع الفؤاد إلى الضّمير فسلَّها(٥)
  بيضاء باكرها النّعيم فصاغها ... بلباقة فأدقّها وأجلَّها(٦)
  لما عرضت مسلَّما لي حاجة ... أرجو معونتها وأخشى دلَّها(٧)
  منعت تحيّتها فقلت لصاحبي: ... ما كان أكثرها لنا وأقلَّها
  / فدنا فقال: لعلَّها معذورة ... من أجل رقبتها، فقلت: لعلَّها
  قال: فأتاني أبو السّائب المخزوميّ وأنا في داري بالعقيق، فقلت له بعد التّرحيب: هل بدت لك حاجة؟
  فقال: نعم، أبيات لعروة بن أذينة، بلغني أنّك سمعتها منه، فقلت له: وأيّة أبيات؟ فقال: وهل يخفى القمر؟ قوله:
  إنّ الَّتي زعمت فؤادك ملَّها
  فأنشدته إيّاها، فلما بلغت إلى قوله: «فقلت: لعلَّها». قال: أحسن واللَّه، هذا واللَّه الدّائم العهد، الصادق الصبابة، لا الذي يقول:
(١) ف، «التجريد»: «يقول الناس: إنك بريء وإنك صالح».
(٢) البيتان في «التنبيه» - ٢٦ ط. دار الكتب، وروي الشطر الأخير من البيت الثاني:
«فمن لنار على الأحشاء تتقد»
(٣) مج، «المختار»: «التي زعمت».
(٤) أقلها: أصابها وأتعبها. وهذا البيت ساقط من ف.
(٥) في «الأمالي» ١ - ١٥٦:
«شفع الضمير لها إلى فسلها»
، وفي «المختار»:
«شفع الضمير إلى الفؤاد فسلها»
(٦) في «الأمالي» ١ - ١٥٦:
«بلبانه فأرقها وأجلها»
(٧) س: «ذلَّها».