ذكر أبي محجن ونسبه
  أحب الشموس الأنصارية فشكاه زوجها لعمر
  هذه رواية ابن الأعرابيّ عن المفضّل، قال ابن الأعرابيّ: وحدّثني ابن دأب بسبب نفي عمر إيّاه، فذكر أنّ أبا محجن هوي امرأة من الأنصار يقال لها شموس، فحاول النّظر إليها بكلّ حيلة، فلم يقدر عليها، فآجر نفسه من عامل يعمل في حائط(١) إلى جانب منزلها، فأشرف من كوّة(٢) في البستان، فرآها فأنشأ يقول:
  ولقد نظرت إلى الشّموس ودونها ... حرج من الرّحمن غير قليل
  قد كنت أحسبني كأغنى واحد ... ورد المدينة عن زراعة فول
  رجع إلى حديث فراره من ابن جهراء
  فاستعدى زوجها عليه عمر بن الخطَّاب، فنفاه إلى حضوضى، وبعث معه رجلا يقال له ابن جهراء قد كان أبو بكر ¥ يستعين به، قال له عمر: لا تدع أبا محجن يخرج معه سيفا، فعمد أبو محجن إلى سيفه فجعل نصله في غرارة وجعل جفنة في غرارة أخرى، فيهما دقيق له.
  فلما انتهى به إلى السّاحل وقرب البوصيّ اشترى أبو محجن شاة وقال لابن جهراء: هلمّ نتغدّ ووثب إلى الغرارة كأنّه يخرج منها فأخذ السيف، فلما رآه ابن جهراء والسيف في يده خرج يعدو حتى ركب بعيره راجعا إلى عمر، فأخبره الخبر.
  قاتل العجم يوم أرماث بعد أن أطلقته امرأة بن أبي وقاص
  وأقبل أبو محجن إلى سعد بن أبي وقّاص وهو يقاتل العجم يوم القادسيّة، وبلغ عمر خبره، فكتب إلى سعد بحبسه، فحبسه، فلما كان يوم أرماث(٣)؛ والتحم القتال سأل أبو محجن امرأة سعد أن تعطيه فرس سعد وتحلّ قيده ليقاتل المشركين، فإن استشهد فلا تبعة عليه، وإن سلم عاد حتى يضع رجله في القيد، فأعطته الفرس، وخلَّت سبيله، وعاهدها على الوفاء، فقاتل فأبلى بلاء حسنا إلى الليل، ثم عاد إلى حبسه.
  حدّثني بهذا الحديث عمّي عن الخرّاز، عن المدائنيّ، عن إبراهيم بن حكيم، عن عاصم بن عروة:
  أنّ عمر بن الخطَّاب ¥ غرّب رجلا من ثقيف وهو أبو محجن، وكان يدمن الخمر وأمر ابن جهراء النّصريّ ورجلا آخر أن يحملاه في البحر، وذكر الخبر مثل الَّذي قبله، وزاد فيه: وقال أبو محجن أيضا:
(١) الحائط: البستان.
(٢) الكوة: الخرق.
(٣) ف: يوم «قس الناطف»، وفي «معجم البلدان» ١ - ٢١١: أرماث كأنه جمع رمث: اسم نبت بالبادية، كان أول يوم من أيام القادسية يسمونه يوم أرماث، وذلك في أيام عمر بن الخطاب وإمارة سعد بن أبي وقاص، قال ياقوت: ولا أدري أهو موضع أم أرادوا النبت المذكور.
قال عمرو بن شأس الأسدي:
عشية أرماث ونحن نذودهم ... ذياد العوافي عن مشاربها عكلا
وفيه ٤ - ٩٧: قس الناطف: موضع قريب من الكوفة على شاطئ الفرات الشرقي كانت به وقعة بين الفرس والمسلمين في سنة ١٣ هـ في خلافة عمر بن الخطاب، وأمير المسلمين أبو عبيد بن مسعود بن عمرو، ويعرف هذا اليوم بيوم الجسر.