نسب مسلم بن الوليد وأخباره
  غازل جارية منزلها في مهب الشمال من منزله، ولم يكن يهواها
  أنّه علق جارية ذات ذكر وشرف(١)، وكان منزلها في مهبّ الشّمال من منزله، وفي ذلك يقول:
  صوت
  أحبّ الرّيح ما هبّت شمالا ... وأحسدها إذا هبت جنوبا
  أهابك أن أبوح بذات نفسي ... وأفرق إن سألتك أن أخيبا
  وأهجر صاحبي حبّ التّجنّي ... عليه إذا تجنّيت الذّنوبا(٢)
  كأني حين أغضي عن سواكم ... أخاف لكم على عيني رقيبا
  غنّى عبد اللَّه بن العبّاس الرّبيعي في هذه الأبيات هزجا بالبنصر عن الهشاميّ.
  كان يحب جاريته محبة شديدة
  قال: وكانت له جارية يرسلها إليها ويبثّها سرّه، وتعود إليه بأخبارها ورسائلها؛ فطال ذلك بينهما؛ حتى أحبّتها الجارية الَّتي علقها مسلم ومالت إليها، وكلتاهما في نهاية الحسن والكمال.
  وكان مسلم يحبّ جاريته هذه محبّة شديدة، ولم يكن يهوى تلك، إنما كان يريد الغزل والمجون والمراسلة، وأن يشيع له حديث(٣) بهواها، وكان يرى ذلك من / الملاحة والظَّرف والأدب، فلما رأى مودّة تلك لجاريته هجر جاريته مظهرا لذلك، وقطعها عن الذّهاب إلى تلك، وذلك قوله:
  وأهجر صاحبي حبّ التّجنّي ... عليه إذا تجنّيت الذّنوبا
  وراسلها مع غير جاريته الأولى، وذلك قوله:
  تدّعى الشوق إن نأت ... وتجنّى إذا دنت
  واعدتنا وأخلفت ... ثم ساءت فأحسنت(٤)
  سرّني لو صبرت عن ... ها فتجزى بما جنت(٥)
  إنّ سلمى لو اتّقت ... ربّها فيّ أنجزت
  زرعت في الحشا الهوى ... وسقته حتى نبت(٥)
  أخبرني الحسين بن يحيى ومحمد بن يزيد، قالا: حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه، قال:
  لقي مسلم بن الوليد أبا نواس فقال له: ما أعرف لك بيتا إلا فيه سقط، قال: فما تحفظ من ذلك؟ قال: قل أنت ما شئت حتى أريك سقطه فيه، فأنشده:
(١) في ما: «ذات خطر وشرف».
(٢) في الديوان - ٢٧٤ ط. المعارف: «إن تجنبت».
(٣) في مي: «وأن يسمع له حديث ...» الخ.
(٤) في ما، والديوان - ٣٠٨، و «المختار»: «فأساءت وأحسنت».
(٥ - ٥) التكلمة من مي والديوان - ٣٠٨.