أخبار محمد بن وهيب
  إنّما أبقيت من جسدي ... شبحا غير الَّذي خلقا
  كنت كالنّقصان في قمر ... ماحقا(١) منه الَّذي اتّسقا
  وفتى ناداك من كثب ... أسعرت أحشاؤه حرقا(٢)
  غرقت في الدّمع مقلته ... فدعا إنسانها الغرقا
  إنّما عاقبت ناظره ... أن أعاد اللَّحظ(٣) مسترقا
  ما لمن تمّت محاسنه ... أن يعادي طرف من رمقا
  / لك أن تبدي لنا حسنا ... ولنا أن نعمل الحدقا
  قدحت كفّاك زند هوى ... في سواد القلب فاحترقا
  وصف غلمان أحمد بن هشام فوهبه غلاما فمدحه
  حدثني عمّي، قال: حدثني أبو عبد اللَّه الهشاميّ، عن أبيه، قال:
  دخل محمد بن وهيب على أحمد بن هشام يوما وقد مدحه، فرأى بين يديه غلمانا روقة مردا وخدما بيضا فرّها(٤) في نهاية الحسن والكمال والنظافة، فدهش لما رأى وبقي متبلَّدا لا ينطق حرفا، فضحك أحمد منه وقال له:
  ما لك؟ ويحك! تكلَّم بما تريد، فقال:
  قد كانت الأصنام وهي قديمة ... كسرت وجدّعهنّ إبراهيم
  ولديك أصنام سلمن من الأذى ... وصفت لهنّ غضارة(٥) ونعيم
  وبنا إلى صنم نلوذ بركنه ... فقر وأنت إذا هززت كريم
  فقال له: اختر من شئت، فاختار واحدا منهم، فأعطاه إياه، فقال يمدحه:
  فضلت مكارمه على الأقوام ... وعلا فحاز(٦) مكارم الأيّام
  وعلته أبّهة الجلال كأنّه ... قمر بدا لك من خلال غمام
  إنّ الأمير على البريّة كلَّها ... بعد الخليفة أحمد بن هشام
  الحسن بن سهل يصله بالمأمون فيمدحه
  وأخبرني جعفر بن قدامة في خبره الَّذي ذكرته آنفا عنه، عن الحسن بن الحسن بن رجاء، عن أبيه، قال:
  لمّا قدم المأمون، لقيه أبو محمد الحسن بن سهل، فدخلا جميعا، فعارضهما ابن وهيب وقال:
  /
  اليوم جدّدت النّعماء والمنن ... فالحمد للَّه حلّ العقدة الزّمن
(١) ب:
«ما خفي منه»
(٢) ف:
... من كرب ..... ملأت أحشاءه حرقا «
(٣) ب:
«إذ أعاد الطرف»
(٤) الروقة: الجميل جدا من الغلمان والجواري - للمذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع. وفره فراهة: جمل وحسن أو حذق ومهر فهو فاره جمعه فرّه.
(٥) ف: «نضارة». والغضارة: النعمة وطيب العيش.
(٦) ف، ب، المختار: «فخار».