كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن وهيب

صفحة 63 - الجزء 19

  وقالوا عزاؤك بعد الفراق ... إذا حمّ مكروهه أجمل

  أقيدي دما سفكته العيون ... بإيماض كحلاء لا تكحل

  فكلّ سهامك لي مقصد⁣(⁣١) ... وكلّ مواقعها مقتل

  سلام على المنزل المستحيل ... وإن ضنّ بالمنطق المنزل

  وعضب⁣(⁣٢) الضّريبة يلقى الخطوب ... بجدّ عن الدّهر لا ينكل

  تغلغل شرقا إلى مغرب ... فلمّا تبدّت له الموصل

  ثوى حيث لا يستمال الأريب ... ولا يؤلف اللَّقن الحوّل

  لدى ملك قابلته السّعود ... وجانبه الأنجم الأفّل

  لأيّامه سطوات الزّمان ... وإنعامه حين لا موئل

  سما مالك بك للباهرات ... وأوحدك المربأ الأطول

  وليس بعيدا بأن تحتذي⁣(⁣٣) ... مذاهب آسادها الأشبل

  قال: فوصله وأحسن جائزته وأقام عنده مدة، ثم استأذنه في الانصراف فلم يأذن له، وزاد في ضيافته⁣(⁣٤) وجراياته وجدّد له صلة، فأقام عنده برهة أخرى، ثم دخل عليه فأنشده:

  ألا هل إلى ظلّ العقيق وأهله⁣(⁣٥) ... إلى قصر أوس فالحزير معاد؟

  وهل لي بأكناف المصلَّى فسفحه ... إلى السّور مغدى ناعم ومراد؟

  فلم تنسني نهر الأبلَّة نيّة ... ولا عرصات المربدين بعاد⁣(⁣٦)

  / هنالك لا تبني الكواعب خيمة ... ولا تتهادى كلثم وسعاد

  أجدّي⁣(⁣٧) لا ألقى النّوى مطمئنّة ... ولا يزدهيني مضجع ومهاد

  فقال له: أبيت إلا الوطن والنّزاع إليه! ثم أمر له بعشرة آلاف درهم، وأوقر له زورقا من طرف الموصل وأذن له.

  المأمون يتمثل من شعره⁣(⁣٨)

  حدثني محمد بن يحيى الصّولي، قال: حدثني أبو عبد اللَّه الماقطانيّ، عن عليّ بن الحسين بن عبد الأعلى، عن سعيد بن وهيب، قال:

  كان المأمون كثيرا ما يتمثّل إذا كربه الأمر:


(١) مقصد: مصيب قاتل.

(٢) ب: «وغض الضريبة».

(٣) مد:

«وليس بديعا بأن تحتذي»

وفي مي:

«وليس عجيبا بأن تحتذى»

وفي ف:

«وليس بديعا بأن تقتفى»

(٤) ف، مي: «في إقامته».

(٥) ب:

«ألا هل إليّ فيّ العقيق وظلَّه»

(٦) ف:

«ولا يتهادى بالمرين بعاد»

(٧) ف:

«أجدك لا تلقى النوى»

(٨) من أول هنا حتى آخر الترجمة ساقط من ب ثابت في ف، مي، مم.