أخبار بكر بن النطاح ونسبه
  قصته مع الرشيد ويزيد بن مزيد
  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدّثني محمد بن موسى، قال: حدّثني الحسن بن إسماعيل، عن ابن الحفصيّ، قال: قال يزيد بن مزيد:
  وجّه إليّ الرشيد في وقت يرتاب فيه البريء، فلمّا مثلت بين يديه قال: يا يزيد، من الَّذي يقول:
  ومن يفتقر منّا يعش بحسامه ... ومن يفتقر من سائر النّاس يسأل
  فقلت له: والَّذي شرّفك وأكرمك بالخلافة ما أعرفه، قال: فمن الَّذي يقول:
  وإن يك جدّ القوم فهر بن مالك ... فجدّي لجيم قرم بكر بن وائل
  قلت: لا والَّذي أكرمك وشرّفك يا أمير المؤمنين ما أعرفه، قال: والَّذي كرّمني وشرّفني إنك لتعرفه، أتظن يا يزيد أني إذا أوطأتك بساطي وشرّفتك بصنيعتي أني أحتملك على هذا؟ أو تظن أني لا أراعي أمورك وأتقصّاها، وتحسب أنه يخفى عليّ شيء منها؟ واللَّه إن عيوني لعليك في خلواتك ومشاهدك، هذا جلف من أجلاف ربيعة عدا طوره وألحق قريشا بربيعة فأتني به. فانصرفت وسألت عن قائل الشعر، فقيل لي: هو بكر بن النطاح، وكان أحد أصحابي، فدعوته وأعلمته ما كان من الرشيد، فأمرت له بألفي درهم، وأسقطت اسمه من الديوان، وأمرته ألا يظهر ما دام الرّشيد حيّا، فما ظهر حتى مات الرشيد، فلما مات ظهر، فألحقت اسمه وزدت في عطائه(١).
  شعره في جارية تدعى رامشنة
  أخبرني محمد بن خلف وكيع، قال: حدّثني محمد بن حمزة العلويّ، قال: حدّثني أبو غسّان دماذ، قال:
  حضرت بكر بن النّطَّاح الحنفيّ في منزل بعض الحنفيّين، وكانت للحنفيّ جارية يقال لها رامشنة، فقال فيها بكر بن النطاح:
  حيّتك بالرّامشن رامشنة ... أحسن من رامشنة الآس
  جارية لم يقتسم بضعها ... ولم تبت(٢) في بيت نخّاس
  أفسدت إنسانا على أهله ... يا مفسد النّاس على النّاس
  / وقال فيها:
  أكذّب طرفي عنك والطَّرف صادق ... وأسمع أذني منك ما ليس تسمع
  ولم أسكن الأرض التي تسكنينها ... لكي لا يقولوا صابر ليس يجزع
  فلا كبدي تبلى ولا لك رحمة ... ولا عنك إقصار ولا فيك مطمع
  لقيت أمورا فيك لم ألق مثلها ... وأعظم منها منك ما أتوقّع
  فلا تسأليني في هواك زيادة ... فأيسره يجزي وأدناه يقنع
(١) مي، مد، ف: «وزدت في إنزاله».
(٢) ف، مي، مد: «تقم»، بدل: «تبت».