كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عويف ونسبه

صفحة 124 - الجزء 19

  وهل أحد إن مدّ يوما بكفّه ... إلى الشمس في مجرى النّجوم ينالها!

  وإن يصلحوا يصلح لذاك جميعنا ... وإن يفسدوا يفسد على النّاس حالها⁣(⁣١)

  ثم قام الأشعث بن قيس - وإنّما أذن له أن يقوم قبل ربيعة وتميم لقرابته بالنّعمان - فقال: لقد علمت العرب أنّا نقاتل عديدها الأكثر، وقديم زحفها الأكبر، وأنا غياث اللَّزبات⁣(⁣٢). فقالوا: لم يا أخا كندة؟ قال: لأنّا ورثنا ملك كندة فاستظللنا بأفيائه، وتقلَّدنا منكبه الأعظم، وتوسّطنا بحبوحة الأكرم، ثم قام شاعرهم فقال:

  /

  إذا قست أبيات الرّجال ببيتنا ... وجدت له فضلا على من يفاخر

  فمن قال: كلَّا أو أتانا بخطَّة ... ينافرنا يوما فنحن نخاطر

  تعالوا فعدّوا يعلم النّاس أيّنا ... له الفضل فيما أورثته الأكابر

  ثم قام بسطام بن قيس فقال: لقد علمت ربيعة أنّا بناة بيتها الَّذي لا يزول، ومغرس عزّها الَّذي لا ينقل، قالوا: ولم يا أخا شيبان؟ قال: لأنّا أدركهم للثّأر، وأقتلهم للملك الجبّار، وأقولهم للحقّ، وألدّهم للخصم، ثم قام شاعرهم فقال:

  لعمري لبسطام أحقّ بفضلها ... وأولى ببيت العزّ عزّ القبائل

  فسائل - أبيت اللَّعن - عن عزّ قومنا ... إذا جدّ يوم الفخر كلّ مناضل

  ألسنا أعزّ النّاس قوما وأسرة ... وأضربهم للكبش⁣(⁣٣) بين القبائل

  فيخبرك الأقوام عنها فإنها⁣(⁣٤) ... وقائع ليست نهزة للقبائل

  / وقائع عزّ كلَّها ربعيّة ... تذلّ لهم فيها رقاب المحافل

  إذا ذكرت لم ينكر النّاس فضلها ... وعاذ بها من شرّها كلّ قائل

  وإنّا ملوك النّاس في كل بلدة ... إذا نزلت بالنّاس إحدى الزّلازل

  ثم قام حاجب بن زرارة فقال: لقد علمت معدّ أنّا فرع دعامتها، وقادة زحفها، فقالوا له: بم ذاك يا أخا بني تميم؟ قال: لأنّا أكثر الناس إذا نسبنا عددا⁣(⁣٥)، وأنجبهم ولدا، وأنّا أعطاهم للجزيل، وأحملهم للثّقيل، ثم قام شاعرهم فقال:

  لقد علمت أبناء⁣(⁣٦) خندف أنّنا ... لنا العزّ قدما في الخطوب الأوائل

  وأنّا هجان⁣(⁣٧) أهل مجد وثروة ... وعزّ قديم ليس بالمتضائل

  / فكم فيهم من سيّد وابن سيّد ... أغرّ نجيب ذي فعال ونائل


(١) ف، المختار:

فإن تصالحوا نصلح كذاك جميعنا ... وإن تفسدوا يفسد على الناس حلها

(٢) اللزبات جمع لزبة، وهي الشدة أو القحط.

(٣) الكبش هنا: سيد القوم وقائدهم، وقيل: المنظور إليهم فيهم.

(٤) ف:

«فيخبرك الأقوام عنا بأنها»

(٥) مي، مد: «إذا شئنا عديدا».

(٦) مد: «آباء».

(٧) الهجان: أخيار والخالص من كل شيء، يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع.