أخبار عبد الله بن العباس الربيعي
  صوت
  أنا عبد لها مقرّ وما يملك غيرها من النّاس رقّا
  ناصح مشفق وإن كنت ما أر ... زق منها والحمد للَّه عتقا
  ليتني متّ فاسترحت فإنّي ... أبدا ما حييت منها ملقّى
  / لحن عبد اللَّه بن العبّاس في هذا الشّعر رمل.
  إسحاق الموصلي يصنع له لحنا من شعره
  أخبرني جعفر بن قدامة، قال: حدّثني عليّ بن يحيى وأحمد بن حمدون، عن أبيه. وأخبرني جحظة، عن أبي عبد اللَّه الهاشميّ، أنّ إسحاق الموصليّ دخل يوما إلى الفضل / بن الرّبيع وابن ابنه عبد اللَّه بن العبّاس في حجره قد أخرج إليه وله نحو السّنتين، وأبوه العبّاس واقف بين يديه، فقال إسحاق للوقت:
  مدّ لك اللَّه الحياة مدّا ... حتى يكون ابنك هذا جدّا
  مؤزّرا بمجده مردّى ... ثم يفدّى مثل ما تفدّى
  أشبه منك سنّة(١) وخدّا ... وشيما محمودا ومجدا ... كأنّه أنت إذا تبدّى
  قال: فاستحسن الفضل الأبيات وصنع فيها إسحاق لحنه المشهور، وقال جحظة في خبره عن الهاشميّ، وهو رمل ظريف من حسن الأرمال ومختارها، فأمر له الفضل بثلاثين ألف درهم.
  أصبح العباس بن الفضل مهموما فنشطه الشعر والشراب
  أخبرني جعفر بن قدامة، قال: حدّثني عبد اللَّه بن عمر، قال: حدّثني محمد بن عبد اللَّه بن مالك، قال:
  حدّثني بعض ندماء الفضل بن الربيع قال: كنا عند الفضل بن الربيع في يوم دجن، والسماء ترشّ(٢) وهو أحسن يوم وأطيبه، وكان العبّاس يومئذ قد أصبح مهموما، فجهدنا أن ينشط، فلم تكن لنا في ذلك حيلة، فبينا نحن كذلك إذ دخل عليه بعض الشعراء، إمّا الرّقاشيّ وإمّا غيره من طبقته، فسلَّم وأخذ بعضادتي الباب ثم قال:
  ألا أنعم صباحا يا أبا الفضل(٣) وأربع ... على مربع القطربّليّ المشعشع
  وعلَّل نداماك العطاش بقهوة ... لها مصرع في القوم غير مروّع
  فإنك لاق كلَّما شئت ليلة ... ويوما يغصّان الجفون بأدمع
  / قال: فبكى العبّاس وقال: صدقت واللَّه، إن الإنسان ليلقى ذلك متى يشاء، ثم دعا بالطَّعام فأكل، ثم دعا بالشّراب فشرب ونشط، ومرّ لنا يوم حسن طيّب.
(١) السنة: الوجه أو الجبهة.
(٢) ف: «تطش». وفي مد: «تبغش». وفي مي: «تبعثر».
(٣) ت: «أيها الفضل».