كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار التيمي ونسبه

صفحة 245 - الجزء 20

  فإن تجمد دموع لئيم قوم ... فليس لدمع ذي حسب جمود

  أبعد يزيد تختزن البواكي ... دموعا أو تصان لها خدود؟

  / لتبكك قبة الإسلام لما ... وهت أطنابها ووهي العمود

  ويبكك شاعر لم يبق دهر ... له نشبا وقد كسد القصيد

  فمن يدعو الإمام لكل خطب ... ينوب وكلّ معضلة تئود؟

  ومن يحمي الخميس إذا تعايا ... بحيلة نفسه البطل النجيد؟

  فإن يهلك يزيد فكلّ حيّ ... فريس للمنية أو طريد

  ألم تعجب له أن المنايا ... فتكن به وهنّ له جنود؟

  قصدن له وهنّ يحدن عنه ... إذا ما الحرب شبّ لها وقود

  لقد عزّى ربيعة أن يوما ... عليها مثل يومك لا يعود

  قال: فبكى هارون الرشيد بكاء اتسع فيه حتى لو كانت بين يديه سكرّجة⁣(⁣١) لملأها من دموعه.

  يجيز شعرا للأمين:

  أخبرني محمد بن يحيى قال حدثنا أبو العيناء قال حدثنا محمد بن عمر قال:

  خرج كوثر خادم محمد الأمين ليرى الحرب، فأصابته رجمة في وجهه، فجلس يبكي، فوجّه محمد من جاءه به، وجعل يمسح الدم عن وجهه، وقال:

  ضربوا قرة عيني ... ومن أجلي ضربوه

  أخذ اللَّه لقلبي ... من أناس أحرقوه

  / قال: وأراد زيادة في الأبيات فلم يواته، فقال للفضل بن الربيع: من ها هنا من الشعراء، فقال:

  الساعة رأيت عبد اللَّه بن أيوب التيميّ، فقال: عليّ به. فلما أدخل أنشده محمد هذين البيتين، وقال: أجزهما، فقال:

  ما لمن أهوى شبيه ... فبه الدنيا تتيه

  وصله حلو ولكن ... هجره مرّ كريه

  من رأى الناس له الفض ... ل عليهم حسدوه

  مثل ما قد حسد القا ... ئم بالملك أخوه

  فقال محمد: أحسنت، هذا واللَّه خير مما أردنا، بحياتي عليك يا عباسي⁣(⁣٢) إلَّا نظرت، فإن جاء على الظَّهر ملأت أحمال ظهره دراهم، وإن كان جاء في زورق ملأته. فأوقرت له ثلاثة أبغل دراهم.


(١) السكرجة: الصحفة يوضع فيها الأكل.

(٢) ب، س: «يا عباس»، والمراد بالعباسيّ هنا الفضل بن الربيع