كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب ابن أبي عيينة وأخباره

صفحة 267 - الجزء 20

  وقالوا تجنّبنا فقلت أبعد ما ... غلبتم على قلبي بسلطانكم غصبا!

  غضاب وقد ملَّوا وقوفي ببابهم ... ولكنّ دنيا لا ملولا ولا غضبي

  وقد أرسلت في السرّ أني بريّة ... ولم تر لي فيما ترى منهم ذنبا

  وقالت لك العتبى وعندي لك الرضا ... وما إن لهم عندي رضاء ولا عتبى⁣(⁣١)

  ونبئتها تلهو إذا اشتد شوقها ... بشعري كما تلهي⁣(⁣٢) المغنّية الشّربا

  فأجبتها حبّا يقرّ بعينها ... وحبّي إذا أحببت لا يشبه الحبا

  فيا حسرتا نغصت قرب ديارها ... فلا زلفة منها أرجّى ولا قربا

  لقد شمت الأعداء أن حيل بينها ... وبيني ألا للشامتين بنا العقبى⁣(⁣٣)

  ومما قاله فيها وغنّي فيه:

  صوت

  ضيّعت عهد فتى لعهدك حافظ ... في حفظه عجب وفي تضييعك

  ونأيت عنه فما له من حيلة ... إلَّا الوقوف إلى أوان رجوعك

  متخشّعا يذري عليك دموعه ... أسفا ويعجب من جمود دموعك

  إن تقتليه وتذهب بفؤاده ... فبحسن وجهك لا بحسن صنيعك

  عروضه من الكامل، الغناء في هذه الأبيات من الثقيل الأول بالوسطى. ذكر عمرو بن بانة أنه له، وذكر الهشاميّ أنه لمحمد بن الحارث بن بسخنّر، وذكر عبد اللَّه بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام أنه لإبراهيم الموصليّ.

  فذكر العتّابيّ ومحمد بن الحسن جميعا، أنّ محمد بن أحمد بن يحيى المكيّ حدثهما قال: حدّثني عمرو بن بانة قال:

  ركبت يوما إلى دار صالح بن الرشيد، فاجتزت بمحمد بن جعفر بن موسى الهادي - وكان معاقرا للصّبوح - فألفيته في ذلك اليوم خاليا منه، فسألته عن السبب في تعطيله إياه، فقال: نيران عليّ غضبي - يعني جارية لبعض النّخاسين ببغداد - وكانت إحدى المحسنات، وكانت بارعة الجمال ظريفة اللسان، وكان قد أفرط في حبّها حتى عرف به، فقلت له: فما تحبّ؟ قال: تجعل طريقك على مولاها فإنه يستخرجها إليك، فإذا فعل دفعت رقعتي هذه إليها - ودفع إليّ رقعة فيها:

  ضيعت عهد فتى لعهدك حافظ ... في حفظه عجب وفي تضييعك

  / إن سمته أن تذهبي بفؤاده ... فبحسن وجهك لا بحسن صنيعك


(١) ف: «عندي رضا لا ولا عتبي».

(٢) في س، ب: «تلهو». تحريف.

(٣) في س، ب: «العبى»، تحريف والعقبى: جزاء الأمر.