كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار السري ونسبه

صفحة 350 - الجزء 20

  أمة الحميد وبنتها ... ظبيان في ظلّ الأراك

  يتتبّعان بريره⁣(⁣١) ... وظلاله فهما كذاك

  حذي الجمال عليهما ... حذو الشّراك على الشراك

  يتمنى أن يكون مؤذنا ليرى من في السطوح:

  أخبرني محمد بن العباس اليزيديّ قال: حدّثني محمد بن الحسن بن مسعود الزّرقي قال: حدّثني يحيى بن عثمان بن أبي قباحة الزّهريّ قال: أنشدني أبو غسان صالح بن العباس بن محمد - وهو إذ ذاك على المدينة - للسريّ بن عبد الرحمن:

  ليتني في المؤذّنين نهارا ... إنهم يبصرون من في السطوح

  فيشيرون أو يشار إليهم ... حبّذا كل ذات جيد مليح

  / قال: فأمر صالح بسدّ المنار، فلم يقدر أحد على أن يطلع رأسه حتى عزل صالح.

  يعمره عمر بن عمرو بن عثمان أرضا بقباء:

  أخبرني حبيب بن نصر المهلبيّ، قال: حدثنا عبد اللَّه بن شبيب قال: حدّثني زبير بن بكار عن عمّه:

  أن السريّ بن عبد الرحمن وقف على عمر بن عمرو بن عثمان، وهو جالس على بابه والناس حوله، فأنشأ يقول:

  /

  يا بن عثمان يا بن خير قريش ... أبغني ما يكفّني بقباء⁣(⁣٢)

  ربما بلَّني نداك وجلَّى ... عن جبيني⁣(⁣٣) عجاجة الغرماء

  فأعمره أرضا بقباء، وجعلها طعمة له أيام حياته، فلم تزل في يده حتى مات.

  مثل من الولوع بالتغني بشعره:

  [أخبرني وسواسة بن الموصليّ، قال: حدّثني حماد بن إسحاق عن أبيه، عن عزيز بن طلحة، قال: قال معبد: خرجت من مكة أريد المدينة، فلما كنت قريبا من المنزل أريت بيتا فعدلت إليه، فإذا فيه أسود عنده حبّان من ماء وقد جهدني العطش، فسلَّمت عليه واستسقيت، فقال: تأخر عافاك اللَّه، فقلت: يا هذا، اسقني بسرعة من الماء فقد كدت أموت عطشا، فقال: واللَّه لا تذوق منه جرعة ولومت، فرجعت القهقري، وأنخت راحلتي واستظللت بظلها من الشمس، ثم اندفعت أغني ليبتلّ لساني:

  كفّنوني إن مت في درع أروى ... واستقوا لي من بئر عروة مائي

  فإذا أنا بالأسود قد خرج إليّ ومعه قدح خيشاني⁣(⁣٤) فيه سويق ملت⁣(⁣٥) بماء بارد، فقال: هل لك في هذا أرب؟


(١) بريره: ثمره.

(٢) قباء: موضع قرب المدينة.

(٣) كذا في أ. س، ب: «حبيبي»، تحريف.

(٤) خيشاني: لعله منسوب إلى خيشان، بلدة بخراسان.

(٥) كذا بالنسختين، والمعروف: ملتوت.