أخبار مسكين ونسبه
  أم الشرف الأعلى من أولاد حمير ... بنو مالك إذ تستمر(١) المرائر(٢)
  أأوصى أبوهم بينهم أن تواصلوا ... وأوصى أبوكم بينكم أن تدابروا
  قال، ويقال: إن النجاشي قال هذه الأبيات.
  أخبرني بذلك عبد اللَّه بن أحمد بن الحارث العدويّ عن محمد بن عائد عن الوليد بن مسلم عن إسماعيل بن عياش وغيره، قالوا:
  فلما بلغت هذه الأبيات معاوية بعث إلى اليمن فاعتذر إليهم، وقال: ما أغزيتكم البحر إلَّا لأني أتيمن بكم، وأن في قيس نكدا وأخلاقا لا يحتملها الثغر، وأنا عارف بطاعتكم. ونصحكم. فأما إذ قد ظننتم غير ذلك فأنا أجمع فيه بينكم وبين قيس فتكونون جميعا فيه وأجعل الغزو فيه عقبا(٣) بينكم، فرضوا فعل ذلك فيما بعد.
  بشر بن مروان يتمثل بشعر له:
  حدّثني الحسن بن عليّ قال: حدثنا أحمد بن زهير بن حرب قال: حدّثني مصعب بن عبد اللَّه قال: وحدثنيه زبير عن عمه قال:
  كان أصاغر ولد مروان في حجر ابنه عبد العزيز بن مروان، فكتب عبد العزيز إلى بشر كتابا، وهو يومئذ على العراق، فورد عليه وهو ثمل، وكان فيه كلام أحفظه، فأمر بشر كاتبه فأجاب عبد العزيز جوابا قبيحا، فلما ورد عليه علم أنه كتبه وهو سكران، فجفاه وقطع مكاتبته زمانا. وبلغ بشرا عتبه عليه، فكتب إليه: لولا الهفوة لم أحتج إلى العذر، ولم يكن لك في قبوله مني الفضل. ولو احتمل الكتاب أكثر مما ضمّنته(٤) لزدت فيه، وبقيّة(٥) الأكابر على الأصاغر من شيم الأكارم. ولقد أحسن مسكين الدارميّ حين يقول:
  أخاك أخاك إنّ من لا أخا له ... كساع إلى الهيجا بغير سلاح
  وإن ابن عمّ(٦) المرء فأعلم جناحه ... وهل ينهض البازي بغير جناح!
  قال: فلما وصل كتابه إلى عبد العزيز دمعت عينه، وقال: إن أخي كان منتشيا ولولا ذلك لما جرى منه ما جرى، فسلوا عمن شهد ذلك المجلس؛ فسئل عنهم، فأخبر بهم، فقبل عذره، وأقسم / عليه ألا يعاشر أحدا من ندمائه الذين حضروا ذلك المجلس، وأن يعزل كاتبه عن كتابته، ففعل.
  مهاجاته الفرزدق من المحن الَّتي نجا الفرزدق منها:
  أخبرني محمد بن الحسين الكنديّ خطيب القادسية قال: حدثنا عمر بن شبّة عن أبي عبيدة عن أبي عمرو قال:
  / كان الفرزدق يقول: نجوت من ثلاث أرجو ألَّا يصيبني بعدهن شر: نجوت من زياد حين طلبني وما فاته
(١) تستمر: تستحكم.
(٢) المرائر: العزائم، جمع مريرة.
(٣) عقب: جمع عقبة كغرقة، وهي النوبة والبدل.
(٤) م. س، ب: «ضممته»، تحريف.
(٥) بقية: إبقاء.
(٦) م، أ: «ابن أم».