كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي محمد ونسبه

صفحة 373 - الجزء 20

  لو هدم المسجد لم يعرفوا ... يوما ولم يسمع بأخبارهم]⁣(⁣١)

  يهنئ الرشيد ويمدح المأمون لتوقفه في أول خطبة له:

  أخبرني محمد بن العباس اليزيديّ قال: أخبرني عمي عبيد اللَّه قال: حدّثني عمي إسماعيل وأخي أحمد قالا:

  لما بلغ المأمون وصار في حدّ الرجال أمرنا الرشيد أن نعمل له خطبة يقوم بها يوم / الجمعة، فعملنا له خطبته المشهورة. وكان جهير الصوت حسن اللهجة، فلما خطب بها رقّت قلوب الناس، وأبكى من سمعه، فقال أبو محمد اليزيديّ:

  لتهن أمير المؤمنين كرامة ... عليه بها شكر الإله وجوب

  بأن وليّ العهد مأمون هاشم ... بدا فضله إذ قام وهو خطيب

  ولما رماه الناس من كل جانب ... بأبصارهم والعود منه صليب

  رماهم بقول أنصتوا عجبا له ... وفي دونه للسامعين عجيب

  ولما وعت آذانهم ما أتى به ... أنابت ورقّت عند ذاك قلوب

  فأبكى عيون الناس أبلغ واعظ ... أغرّ بطاحيّ⁣(⁣٢) النّجار نجيب

  مهيب عليه للوقار سكينة ... جريء جنان لا أكعّ⁣(⁣٣) هيوب

  ولا واجب فوق المنابر قلبه ... إذا ما اعترى قلب النجيب وجيب

  إذا ما علا المأمون أعواد منبر ... فليس له في العالمين ضريب

  تصدّع عنه الناس وهو حديثهم ... تحدّث عنه نازح وقريب

  شبيه أمير المؤمنين حزامة ... إذا وردت يوما عليه خطوب

  إذا طاب أصل في عروق مشاجه⁣(⁣٤) ... فأغصانه من طيبه ستطيب

  فقل لأمير المؤمنين الَّذي به ... يقدّم عبد اللَّه فهو أديب

  كأن لم تغب عن بلدة كان واليا ... عليها ولا التدبير منك يغيب

  تتبع ما يرضيك في كل أمره ... فسيرته شخص إليك حبيب

  / ورثتم بني العباس إرث محمد ... فليس لحيّ في التراث نصيب

  وإني لأرجو يا بن عم محمد ... عطاياك والراجيك ليس يخيب

  أثبني على المأمون وابني محمدا ... نوالا فإياه بذاك تثيب

  / جناب أمير المؤمنين مبارك ... لنا ولكل المؤمنين خصيب


(١) زيادة من مي، مل.

(٢) بطاحي: من قريش البطاح، وهم الذين ينزلون بين أخشبي مكة، وهما جبلاها: أبو قبيس والأحمر.

(٣) أكع: جبان.

(٤) مشاجه: تكونه وحيث يلتقي آباؤه وأمهاته، جمع مشج كسبب. وفي هد: «في مشاج عروقه».