كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار من له شعر فيه صنعة من ولد أبي محمد اليزيدي وولد ولده، فمنهم محمد بن أبي محمد

صفحة 378 - الجزء 20

  / يحجب عن المأمون، فيرسل إليه شعرا، فيأذن له ويجيزه:

  حدّثنا اليزيديّ قال: حدّثني عمي الفضل قال: حدّثني أبو صالح بن يزداد قال: حدّثني أبي قال:

  جاء محمد بن أبي محمد اليزيديّ إلى باب المأمون وأنا حاضر، فاستأذن، فقال الحاجب: قد أخذ دواء وأمرني ألا آذن لأحد. قال: فأمرك ألا توصل إليه رقعة؟ قال: لا، فدفع إليه رقعة فيها⁣(⁣١):

  هديّتي التحية للإمام ... إمام العدل والملك الهمام

  لأني لو بذلت له حياتي ... وما أهوى⁣(⁣٢) لقلَّا للإمام

  أراك من الدواء اللَّه نفعا ... وعافية تكون إلى تمام

  وأعقبك السلامة منه ربّ ... يريك سلامة في كل عام

  أتأذن في السّلام⁣(⁣٣) بلا كلام ... سوى تقبيل كفكّ والسّلام

  قال: فأوصلها، وخرج فأذن له، فدخل وسلَّم وحملت معه ألفا دينار.

  يستحسن المعتصم شعرا اقترحه عليه:

  حدّثني عمي قال: حدّثني الفضل اليزيديّ قال: حدّثني أخي أحمد عن أبي:

  قال: دخلت إلى المعتصم وهو ولي عهد وقد طلع القمر، فتنفس ثم قال: يا محمد، قل أبياتا في معنى طلوع القمر، فإنه غاب مدة كما غاب محبوب عن حبيبه ثم طلع، فإن كان كما أحب فلك بكل بيت مائة دينار، فقلت:

  صوت

  هذا شبيه الحبيب قد طلعا ... غاب كما غاب ثم قد لمعا⁣(⁣٤)

  وما أرى غيره يشاكله ... فأسأله باللَّه عنه ما صنعا؟

  فرّق بيني وبينه قدر ... وهو الَّذي كان بيننا جمعا

  / فهل له عودة فأرقبها ... كما رأينا شبهه⁣(⁣٥) رجعا

  / فقال: أحسنت وحياتي، ثم قال لعلويه: عن هذه الأبيات - وكان حاضرا - فغنّى فيها، وشرب عليها ليلته، وأمر لي بأربعمائة دينار ولعلَّويه بمثلها.

  لحن علَّويه في هذه الأبيات رمل.

  المأمون يحكم له بثلاثة آلاف دينار من مال عبد اللَّه بن طاهر:

  حدّثني عمي قال: حدثنا الفضل بن محمد قال: حدّثني أخي عن أبي قال:


(١) ف: «فدعا بدواة وقرطاس فكتب».

(٢) ف: «وما أحومي».

(٣) هد، مي، مل: «في الدخول».

(٤) ف: «رجعا».

(٥) ف: «شبيها له».