أخبار من له شعر فيه صنعة من ولد أبي محمد اليزيدي وولد ولده، فمنهم محمد بن أبي محمد
  شكوت إلى المأمون دينا عليّ، فقال: إن عبد اللَّه بن طاهر اليوم عندي، وأريد الخلوة معه، فإذا علمت فاستدع أن يكون دخولك أو إخراجه إليك، فإني سأحكم لك عليه بمال، فلما علمت أنهم قد جلسوا للشرب صرت إلى الدار، وكتبت بهذين البيتين:
  يا خير سادات وأصحاب ... هذا الطفيليّ على الباب
  فصيّروا لي معكم مجلسا ... أو أخرجوا لي بعض أصحابي
  وبعثت بهما إليه، فلما قرأهما قال: صدق اكتبوا إليه وسلوه أن يختار، فكتب إليّ: أمّا وصولك فلا سبيل إليه، ولكن من تختار لنخرجه إليك فتمضي معه. فكتبت: ما كنت لأختار على أبي العباس(١) أحدا. فقل له المأمون: قم إلى صديقك. فقال: يا أمير المؤمنين إن رأيت أن تعفيني من ذلك. أتخرجني عما شرفتني به من منادمتك وتبدلني بها منادمة ابن اليزيدي! قال: لا بدّ من ذلك أو ترضيه. قال: فليحتكم. قال: أخاف أن يشتط أو تقصّر أنت، ولكني أحكم فأعدل. قال: قد رضيت. قال: تحمل إليه ثلاثة آلاف دينار معجّلة. قال: قد فعلت، فأمر صاحب بيت المال أن يحملها معي، وأمر عبد اللَّه بردها إلى بيت المال.
  يعشق جارية ويحرمها فيعوضه المأمون:
  حدّثني الصوليّ قال: حدّثني عون بن محمد قال:
  كان محمد بن أبي أحمد اليزيديّ يعشق جارية لسحاب يقال لها عليا(٢)، وكانت / من أظرف النساء لسانا وأحسنهن وجها وغناء، فأعطي بها ثلاثة آلاف دينار فلم تبع، واشتراها المعتصم بخمسة آلاف دينار، وذلك في خلافة المأمون، وكان عليّ بن الهيثم جونقا(٣) صديقا لمحمد بن أبي أحمد اليزيديّ، فبلغ المأمون الخبر، فدعا محمدا، وقال: ما قصتك مع عليا؟ قال: قد قلت في ذلك أبياتا، فإن أذن أمير المؤمنين أنشدتها قال: هاتها فأنشده.
  أشكو إلى اللَّه حبي للعلَّيينا ... وأنني فيهم ألقي الأمرينا(٤)
  حسبي عليّا أمير المؤمنين فقد ... أصبحت حقّا أرى حبيّ له دينا
  وحبّ خلَّي وخلصاني(٥) أبي حسن ... أعني عليّا قريع التغلبيينا
  ورقتي(٦) لبنيّ لي أصبت به ... وجدي به فوق وجد الآدميينا
  ورابع قد رمى قلبي بأسهمه ... فجزت في حبه حدّ المحبينا
  وبعض من لا أسمّي قد تملَّكه ... فرحت عنه بما أعيا المداوينا
  أتاه بالدين(٧) والدنيا تمكَّنه ... فلم يدع لي لا دنيا ولا دنيا
(١) أبو العباس كنية عبد اللَّه بن طاهر.
(٢) في م، أ، هد: «علا».
(٣) كذا في س، ب. وفي أ، م: «حونقا».
(٤) لأمرينا: لعلها تثنية أمر، وكسرت الراء للضرورة.
(٥) خلصاني: صفيي للواحد والجمع.
(٦) مل: «ورحمتي».
(٧) في س، ب: «أتاه والدين بالدنيا».