كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار خالد الكاتب

صفحة 400 - الجزء 20

  فاستحسنها الفضل بن مروان وأوصلها إلى المعتصم قبل أن يقال في بناء سرّ من رأى شيء، فكانت أول ما أنشد في هذا المعنى من الشعر، فتبرّك بها وأمر لخالد بخمسة آلاف درهم.

  وذكر ذلك كلَّه إسماعيل بن يحيى الكاتب، وذكر اليوسفيّ صاحب الرسائل أن خالدا قال أيضا في ذلك:

  بيّن صفو الزمان عن كدره ... في ضحكات الربيع عن زهره

  يا سرّ من رابوركت من بلد ... بورك في نبته وفي شجره

  غرس جدود الإمام ينبته⁣(⁣١) ... بابك والمازيار من ثمره

  فالفتح والنصر ينزلان به ... والخصب في تربه وفي شجره

  فغنى مخارق في هذه الأبيات، فسأله المعتصم: لمن هذا الشعر؟ فقال: لخالد يا أمير المؤمنين، قال: الَّذي يقول:

  /

  كيف ترجى لذاذة الإغتماض ... لمريض من العيون المراض!

  فقال محمد بن عبد الملك: نعم يا أمير المؤمنين، هو له، ولكن بضاعته لا تزيد على أربعة أبيات، فأمر له المعتصم بأربعة آلاف درهم، وبلغ خالدا الخبر، فقال لأحمد بن عبد الوهاب صاحب محمد بن عبد الملك - وقيل لأبي جعفر - أعزه اللَّه: إذا بلغت المراد في أربعة أبيات فالزيادة فضل.

  يداخل الشعراء في القصائد. وكان أول صاحب مقطعات:

  قال اليوسفيّ: ولمّا قال خالد في صفة سرّ من رأى قصيدته الَّتي يقول فيها:

  اسقني في جرائر⁣(⁣٢) وزقاق ... لتلاقي⁣(⁣٣) السرور يوم التلاق

  من سلاف كأنّ في الكأس منه ... عبرات من مقلتي مشتاق

  في رياض بسرّ من را إلى الكر ... خ ودعني من سائر الآفاق

  بادّ كارات كل فتح عظيم ... لإمام الهدى أبي إسحاق

  وهي قصيدة⁣(⁣٤)، لقيه دعبل فقال: يا أبا الهيثم، كنت صاحب مقطعات فداخلت الشعراء في القصائد الطوال وأنت لا تدوم على ذلك، وبوشك أن تتعب بما ما تقول وتغلب عليه. فقال له خالد: لو عرفت النّصح منك لغيري لأطعتك في نفسي.

  خلافة مع الحلبي الشاعر وهجاؤه إياه:

  قال اليوسفيّ: وحدّثني أبو الحسن الشهرزانيّ: أن خالدا وقع بينه وبين الحلبي الشاعر الَّذي يقول فيه البحتريّ:

  سل الحلبيّ⁣(⁣٥) عن حلب


(١) كذا في ف، وفي س، ب: نكبتها، وهو تحريف.

(٢) جرائر: جمع جرار، وجرار: جمع جرة.

(٣) كذا في ف، وفي س: «لتلافي»، وهو تحريف.

(٤) ت، س: «قصيرة» تحريف.

(٥) كذا في «الديوان»، وفي س، ب: «الحي»، وهو تحريف، وعجز البيت:

وعن تركانه حلبا