أخبار سلمة بن عياش
  غنى فيهما عطرّد ثقيلا أول؛ بإطلاق الوتر في مجرى الوسطى عن إسحاق يقول فيها:
  ولولا انتظاري جعفرا ونواله ... لما كان في بغداد ما أتبرّض(١)
  وقد وجدت هذا الشعر لابن المولى في جامع شعره من قصيدة له، وأظن ذلك الصحيح، لا ما ذكر محمد بن داود من أنها لسلمة بن عياش.
  يرفد الفرزدق ببيت من الشعر حين أجبل في قصيدة:
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قال: حدثنا عمر بن شبة وغيره، قال: قال سلمة بن عياش - وذكر محمد بن داود، عن عسل بن ذكوان، عن أبي حاتم، عن الأصمعيّ، عن سلمة بن عياش مولى بني عامر بن لؤيّ - قال: دخلت على الفرزدق السجن، وهو محبوس، وقد قال قصيدته:
  إنّ الَّذي سمك السماء بنى لنا ... بيتا دعائمه أعزّ وأطول
  / وقد أفحم وأجبل(٢)، فقلت له: ألا أرفدك(٣)؟ فقلت: وهل ذاك عندك؟ فقلت: نعم، ثم قلت:
  بيت زرارة محتب بفنائه ... ومجاشع وأب الفوارس نهشل
  فاستجاد البيت وغاظه قولي له، فقال لي: ممن أنت؟ فقلت: من قريش، فقال: كل أير حمار من قريش! فمن أيّها أنت؟ قلت: من بني عامر بن لؤي، قال: لئام واللَّه رضعة(٤)، جاورتهم بالمدينة فما أحمدتهم(٥)، فقلت: ألأم واللَّه منهم قومك وأرضع. جاء رسول مالك بن المنذر وأنت سيدهم وشاعرهم، فأخذ بأذنك يقودك حتى احتبسك فما اعترضه أحد، ولا نصرك، فقال: قاتلك اللَّه ما أكرمك(٦)! وأخذ البيت، فأدخله في قصيدته.
  يتغزل في بربر المغنية، فتوهب له:
  أخبرنا وكيع، قال: أخبرني محمد بن سعد الكرّانيّ، قال: حدثنا سهل بن محمد، قال: حدّثني العتبيّ، قال كان سلمة بن عياش وأبو سفيان بن العلاء عند محمد بن سليمان، وجارية تغنّيهم وتسقيهم يقال لها: بربر، فقال سلمة:
  إلى اللَّه أشكو ما ألاقي من القلى ... لأهلي وما لاقيت من حبّ بربر
  على حين ودّعت الصبابة والصبا ... وفارقت أخداني وشمّرت مئزري
  نأى جعفر عنّا وكان لمثلها ... وأنت لنا في النائبات كجعفر
  قال: فقال محمد بن سليمان لسلمة: خذها، هي لك، فاستحيا وارتدع، وقال: / لا أريدها فألحّ عليه في أخذها، فقال: أعتق ما أملك إن أخذتها، فقال له أبو سفيان: يا سخين العين، أعتق ما تملك وخذها، فهي خير من كلّ ما تملك، فلما مات أبو سفيان رثاه سلمة فقال:
(١) أتبرص: أتبلغ بالقليل، والتبرض أيضا: أخذ الشيء قليلا قليلا.
(٢) أجبل الشاعر: صعب القول عليه.
(٣) أرفدك، رفده: أعطاه. والمراد: ألا أعينك وأمدك؟.
(٤) رضعة: لئام، جمع راضع. وفي «المختار»، «هد»: وضعة، بالواو.
(٥) ما أحمدتهم: ما صادفت منهم ما يحمدون به.
(٦) هد: «ما أمكرك».