كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار لأم جعفر

صفحة 418 - الجزء 20

١٧ - أخبار لأم جعفر⁣(⁣١)

  تستنشد أبا العتاهية مدحه للأمين:

  أخبرني محمد بن يحيى الصوليّ، قال: حدثنا العلائيّ، قال: حدّثني محمد بن أبي العتاهية، قال: لما جلس الأمين في الخلافة أنشده أبو العتاهية:

  يا بن عمّ النبيّ خير البريّة ... إنّما أنت رحمة للرّعيّه

  يا إمام الهدى الأمين المصفّى ... بلباب الخلافة الهاشميه

  لك نفس أمّارة لك بالخي ... ر وكفّ بالمكرمات نديّه

  إنّ نفسا تحملت منك ما حمّ ... لت للمسلمين نفس قوية

  قال: ثم خرج إلى دار أم جعفر، فقالت له: أنشدني ما أنشدت أمير المؤمنين، فأنشدها.

  فقالت: أين هذا من مدائحك في المهديّ والرشيد؟ فغضب وقال: إنما أنشدت أمير المؤمنين ما يستملح، وأنا القائل فيه:

  يا عمود الإسلام خير عمود ... والَّذي صيغ من حياء وجود

  والَّذي فيه ما يسلَّي ذوي الأح ... زان عن كلّ هالك مفقود

  إنّ يوما أراك فيه ليوم ... طلعت شمسه بسعد السعود

  فقالت له: الآن وفيت المديح حقه، وأمرت له بعشرة آلاف درهم.

  يستنجز أبو العتاهية ما كانت تجريه عليه:

  أخبرني محمد بن يحيى، قال: حدّثني محمد بن موسى اليزيديّ، قال: حدّثني محمد بن الفضل، قال:

  كان المأمون يوجّه إلى أمّ جعفر زبيدة في كل سنة بمائة ألف دينار جدد وألف ألف درهم، فكانت تعطي أبا العتاهية منها مائة دينار وألف درهم، فأغفلته سنة، فدفع إليّ رقعة وقال: ضعها بين يديها فوضعتها، وكان فيها:

  /

  خبّروني أنّ في ضرب السّنه ... جددا بيضا وصفرا حسنه

  سككا⁣(⁣٢) قد أحدثت لم أرها ... مثل ما كنت أرى كلّ سنه

  فقالت: إنا⁣(⁣٣) للَّه! أغفلناه. فوجّهت إليه بوظيفة على يدي.


(١) هذه الترجمة، لم ترد في بولاق، ووردت في ملحق برنو، وموضعها هذا في المخطوطات المعتمدة.

(٢) السكك: جمع سكة، وهي حديدة منقوشة يضرب عليها الدراهم.

(٣) في س: «إنّ» وهو تحريف.