أخبار سعيد بن وهب
٢٣ - أخبار سعيد بن وهب
  نسبه ومنشؤه:
  سعيد بن وهب أبو عثمان مولى بني سلمة بن لؤيّ بن نصر، مولده ومنشؤه(١) بالبصرة، ثم سار إلى بغداد فأقام بها، وكانت الكتابة صناعته، فتصرّف مع البرامكة فاصطنعوه، وتقدم عندهم.
  أكثر شعره في الغزل:
  وكان شاعرا مطبوعا، ومات في أيام المأمون، وأكثر شعره في الغزل والتشبيب(٢) بالمذكَّر، وكان مشغوفا بالغلمان والشراب.
  ثم تنسك(٣) وتاب، وحج راجلا على قدميه، ومات على توبة وإقلاع ومذهب(٤) جميل.
  أبو العتاهية يرثيه:
  ومات وأبو العتاهية حيّ، وكان صديقه فرثاه.
  فأخبرني عليّ بن سليمان الأخفش. عن محمد بن مزيد. قال:
  حدّثت عن بعض أصحاب أبي العتاهية. قال: جاء رجل إلى أبي العتاهية - ونحن عنده - فسارّه في شيء فبكى أبو العتاهية، فقلنا له: ما قال لك هذا الرجل يا أبا إسحاق فأبكاك؟ فقال، وهو يحدثنا لا يريد أن يقول شعرا:
  قال لي مات سعيد بن وهب ... رحم اللَّه سعيد بن وهب
  يا أبا عثمان أبكيت عيني ... يا أبا عثمان أوجعت قلبي
  قال: فعجبنا من طبعه وأنّه تحدّث، فكان حديثه شعرا موزونا.
  يتوب ويتزهد:
  وأخبرني الحسن بن عليّ الخفاف. قال: حدثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال: حدّثني سيبويه أبو محمد، قال:
  كان سعيد بن وهب الشاعر البصريّ مولى بني سامة قد تاب وتزهّد، وترك قول الشعر. وكان له عشرة من البنين وعشر من البنات، فكان إذا وجد شيئا من شعره خرقه وأحرقه.
  وكان امرأ صدق، كثير الصلاة، يزكَّي في كل سنة عن جميع ما عنده حتى إنه ليزكَّي عن فضة كانت على امرأته.
(١) هذه الترجمة ممّا لم يرد في طبعة بولاق، وهو في ملحق برنو وموضعها هنا حسب المخطوطات المعتمدة.
(٢) في «المختار»: و «كان أكثر شعره في الغزل والشراب والتشبيب ...»، وفي «التجريد»: «وكان أكثر شعره في الغزل والشراب».
(٣) في «المختار» و «التجريد»: «نسك».
(٤) في «المختار»: «ومذهبه».