كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أسماء بن خارجة وابنته هند

صفحة 460 - الجزء 20

  إليها: إني أكره أن أبيت خلوا⁣(⁣١)، ولي زوجة. فقالت: وما احتباس امرأة عن زوجها وقد ملكها وآتاها⁣(⁣٢) كرامته وصداقها، فأصلحت من شأنها، وأتته ليلا.

  قال: المدائني: فسمعت أن ابن كناسة ذكر أن رجلا من أهل العلم حدثه عن امرأة من أهله قالت: كنت فيمن زفّها. فدخلنا عليه وهو في بيت عظيم في أقصاره ستارة، وهو دون الستارة على فرشه، فلما أن دخلت سلَّمت، فأومأ إليها بقضيب كان في يده. فجلست عند رجليه، ومكثت ساعة وهو لا يتكلم ونحن وقوف، فضربت بيدها على فخذه، ثم قالت: ألم تبعد من سوء الخلق؟ قال: فتبسم، وأقبل عليها، واستوى جالسا. فدعونا له وخرجنا وأرخيت الستور.

  سبب تطليق الحجاج لها:

  قال: ثم قدم الحجاج البصرة، فحملها معه. فلما بني قصره الَّذي دون المحدثة⁣(⁣٣) الَّذي يقال له: قصر الحجاج اليوم قال لها: هل رأيت قط أحسن من هذا القصر؟ قالت⁣(⁣٤): ما أحسنه! قال: أصدقيني، قالت: أمّا إذ أبيت فو اللَّه ما رأيت أحسن من القصر الأحمر. وكان فيه عبيد اللَّه بن زياد، وكان دار الإمارة بالبصرة، وكان ابن زياد بناه بطين أحمر. فطلق هندا غضبا بما قالته، وبعث إلى القصر فهدمه، وبناه بلبن. ثم تعهده صالح بن عبد الرحمن في / خلافة سليمان بن عبد الملك، فبناه بالآجرّ، ثم هدم بعد ذلك فأدخل في المسجد الجامع.

  حنين الحجاج إلى مراجعتها:

  قال: القحذميّ عن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي:

  فخرجنا يوما نعود عبد الملك بن بشر، فسلَّمنا عليه وعدناه معه. ثم خرجنا وتخلف الحجاج، فوقفنا ننتظره، فلما خرج التفتّ فرآني، فقال: يا محمد ويحك! رأيت هندا الساعة فما رأيتها⁣(⁣٥)، قط أجمل ولا أشبّ منها حين رأيتها، وما أنا بممس حتى أراجعها: فقلت: أصلح اللَّه الأمير، امرأة طلقتها على عتب⁣(⁣٦) يرى الناس أن نفسك تتبعها، وتكون لها الحجة عليك. قال: صدقت، الصبر أحجى.

  قال: محمد: واللَّه ما كان منى ما كان نظرا ولا نصيحة، ولكني أنفت لرجل من قريش أن⁣(⁣٧) تداس أمّه في كل وقت.

  خبر طريف يروى عن أسماء:

  أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن المدائني عن جويرية بن أسماء عن عمه قال:

  حججت فإني لفي رفقة من قومي إذ نزلنا منزلا ومعنا امرأة، فنامت وانتهبت⁣(⁣٨) وحية مطوية عليها، قد جمعت


(١) خلوا: لا زوجة معي.

(٢) كذا في ف. وفي ب، س: «انتهى»، تحريف.

(٣) المحدثة: قرية بواسط.

(٤) س، ب: «قال لها: هل رأيت قط أحسن من هذا القصر؟ فقالت: هذا القصر».

(٥) ب، س: «فما رأيت»، والمثبت من ف.

(٦) كذا في ف وفي ب، س: «على عنت».

(٧) كذا في ف؛ وفي ب، س: «أنفت لرجل أن تراس أمه»، وفيها سقط وتحريف.

(٨) كذا في ف. ب، س: «وانتبهت ومعها حية».