كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أسماء بن خارجة وابنته هند

صفحة 462 - الجزء 20

  خذي العفو مني تستديمي مودتي ... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب

  / فقلت: له فدتك نفسي، ما أدري أيّهما أحسن: أحديثك أم غناؤك؟ والسّلام عليكم. ونهضت فركبت وتخلَّف الغريض وصاحبه في موضعهما، وأتيت أصحابي وقد أبطأت، فرحلنا منصرفين حتى إذا كنا في المكان الَّذي رأيت فيه الحية منطوية على صدر المرأة ونحن ذاهبون - رأيت المرأة والحية منطوية عليها، فلم ألبث أن صفرت الحية، فإذا الوادي يسيل علينا حيات فنهشنها حتى بقيت عظاما. فطال تعجبنا من ذلك، ورأينا ما لم نر مثله قط. فقلت لجارية كانت معها: ويحك أخبرينا عن هذه المرأة، قالت: نعم أثكلت⁣(⁣١) ثلاث مرات، كلّ مرّة تلد ولدا: فإذا وضعته سجرت التنور ثم ألقته: فذكرت قول الغريض حين سألها عن الحية، فقالت: في النار.⁣(⁣٢) فقال:

  ستعلمين من في النار⁣(⁣٢).

  نسبة ما في هذه الأصوات من الغناء

  فمنها:

  صوت

  مرضت فلم تحفل على جنوب ... وأدنفت والممشى إليّ قريب

  فلا يبعد اللَّه الشباب وقولنا ... إذا ما صبونا صبوة سنتوب

  عروضه من الطويل. الشعر لحميد بن ثور الهلاليّ، والغناء للغريض من رواية حماد عن أبيه، وفيه لعلَّويه ثقيل أول بالوسطى على مذهب إسحاق من رواية عمرو بن بانة ومنها:

  صوت

  عفا اللَّه عن ليلى الغداة فإنها ... إذا وليت حكما عليّ تجور

  أأترك ليلى ليس بيني وبينها ... سوى ليلة إني إذا لصبور!

  عروضه من الطويل، والشعر - يقال - لأبي دهبل الجمحيّ، ويقال: إنه لمجنون بني عامر، ويقال: إنه لعمر بن أبي ربيعة. والغناء لابن سريج، خفيف رمل بالوسطى، عن عمرو بن بانة، وفيه للغريض ثاني ثقيل بالوسطى، وفي الثاني والأول خفيف ثقيل أول بالبنصر مجهول.

  أخبرني الحرميّ عن الزبير عن محمد بن الضحاك عن أبيه قال: قال أبو دهبل:

  أأترك ليلى ليس بيني وبينها ... سوى ليلة إني إذا لصبور

  هبوني امرأ منكم أضلّ⁣(⁣٣) بعيره ... له ذمة إن الذمام كبير

  / وللصاحب المتروك أعظم حرمة ... على صاحب من أن يضلّ بعير


(١) ف، هد: «بغت ثلاث مرات».

(٢ - ٢) زيادة من ف، هد.

(٣) أضل بعيره: ذهب البعير عنه.