كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي نخيلة ونسبه

صفحة 484 - الجزء 20

  ينتحل أرجوزة لرؤبة وينشدها فيفجؤه رؤبة من مرقده فيعتذر:

  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال:

  دخل أبو نخيلة على عمر بن هبيرة، وعنده رؤبة قد قام من مجلسه فاضطجع خلف ستر، فأنشد أبو نخيلة مديحه له، ثم قال ابن هبيرة: يا أبا نخيلة، أيّ شيء أحدثت بعدنا؟ فاندفع ينشده أرجوزة لرؤبة، فلما توسطها كشف رؤبة الستر، وأخرج رأسه من تحته، فقال له: كيف أنت يا أبا نخيلة؟ فقطع إنشاده وقال: بخير أبا العجاج، فمعذرة إليك ما علمت بمكانك، فقال له رؤبة: ألم ننهك أن تعرض لشعري إذا كنت حاضرا، فإذا ما غبت فشأنك به! فضحك أبو نخيلة، وقال: هل أنا إلا حسنة من حسناتك، وتابع لك، وحامل عنك؟ فعاد رؤبة إلى موضعه فاضطجع، ولم يراجعه حرفا. واللَّه أعلم.

  يمدح ثم لا يرضى الجائزة فيهجو، ثم يزاد فيمدح:

  أخبرني هاشم بن محمد قال: حدثنا دماذ عن أبي عبيدة:

  أن أبا نخيلة قدم على المهاجر بن عبد اللَّه الكلابي - وكان أبو نخيلة أشبه خلق اللَّه به وجها وجسما وقامة، لا يكاد الناظر إلى أحدهما أن يفرق بينه وبين الآخر - فدخل عليه فأنشده قوله فيه:

  يا دار أمّ مالك ألا اسلمي ... على التنائي من مقام وانعمي

  / كيف أنا إن أنت لم تكلَّمي ... بالوحي أو كيف بأن تجمجمي⁣(⁣١)

  تقول لي بنتي ملام اللَّوّم ... يا أبتا إنك يوما مؤتمي⁣(⁣٢)

  فقلت كلَّا فاعلمي ثم اعلمي ... أني لميقات كتاب محكم

  لو كنت في ظلمة شعب مظلم ... أو في السماء أرتقي بسلَّم

  / لا نصبّ مقداري إلى مجرنثمي⁣(⁣٣) ... إني وربّ الراقصات⁣(⁣٤) الرسّم

  وربّ حوض زمزم وزمزم ... لأستبين⁣(⁣٥) الخير عند مقدمي

  وعند ترحالي عن⁣(⁣٦) مخيّمي ... على ابن عبد اللَّه قرم الأقرم

  فإنني بالعلم ذو ترسّم ... لم أدر ما مهاجر التكرم

  حتى تبينت⁣(⁣٧) قضايا الغشّم⁣(⁣٨) ... مهاجر يا ذا النوال الخضرم⁣(⁣٩)


(١) الجمجمة: ألا يبين الكلام. وفي ب، س: «بأن تحمحمي»، تحريف.

(٢) مؤتمي: جاعلي بتيمة.

(٣) كذا في ف، ومعناه: مستقري، من اجرنثم، أي سقط من علو إلى أسفل. وفي سائر الأصول: «مجرثمي»، تحريف.

(٤) الراقصات هنا: الإبل.

(٥) كذا في ف، م. وفي سائر الأصول: «لأوثنين»، تحريف.

(٦) في أ، م: «من».

(٧) في ب، س: «تبثثت».

(٨) في أ، م: «القسم».

(٩) الخضرم: الكثير.