كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي نخيلة ونسبه

صفحة 489 - الجزء 20

  أكثر خلق اللَّه من لا يدرى ... من أيّ خلق اللَّه حين يلقى⁣(⁣١)

  وحلة تنشر ثم تطوى ... وطيلسان يشترى فيغلى

  لعبد عبد أو لمولى مولى⁣(⁣٢) ... يا ويح بيت المال ماذا يلقى!

  يسأل عن ممدوح له فيعدد هباته له:

  وبهذا الإسناد عن أبي عبيدة أن أبا نخيلة قدم على أبان بن الوليد فامتدحه، فكساه ووهب له جارية جميلة، فخرج يوما من عنده، فلقى رجل من قومه، فقيل له: كيف وجدت أبان بن الوليد يا أبا نخيلة؟ فقال:

  أكثر واللَّه أبان ميري ... ومن أبان الخير كلّ خيري

  ثوب لجلدي وحر لأيري

  نسخت من كتاب اليوسفيّ.

  يصاب بتخمة:

  حدّثني خالد بن حميد عن أبي عمرو الشيبانيّ قال:

  / أقحمت السنة أبا نخيلة فأتى القعقاع بن ضرار - وهو يومئذ على شرطة الكوفة - فمدحه، وأنزله / القعقاع بن ضرار وابنيه وعبديه وركابهم في دار، وأقام لهم الأنزال، ولركابهم العلوفة.

  وكان طباخ القعقاع يجيئهم في كلّ يوم بأربع قصاع، فيها ألوان مطبوخة من لحوم الغنم، ويأتيهم بتمر وزبد، فقال له يوما القعقاع: كيف منزلك أبا نخيلة؟ فقال:

  ما زال عنّا قصعات أربع ... شهرين دأبا ذوّد ورجع⁣(⁣٣)

  عبداي وابناي وشيخ يرفع⁣(⁣٤) ... كما يقوم الجمل المطبّع⁣(⁣٥)

  قال: وكان أبو نخيلة يكثر الأكل فأصابته تخمة، فدخل على القعقاع فسأله: كيف أصبحت أبا نخيلة؟ فقال:

  أصبحت واللَّه بشما أمرت خبازك فأتاني بهذا الرّقاق الَّذي كأنه الثياب المبلولة، قد غمسه في الشحم غمسا، وأتبعه بزبد⁣(⁣٦)، كرأس النعجة الخرسية⁣(⁣٧)، وتمر كأنه عنز رابضة. إذا أخذت التمرة من موضعها تبعها من الرّبّ كالسلوك الممدودة، فأمعنت في ذلك، وأعجبني حتى بشمت، فهل من أقداح جياد؟ وبين يدي القعقاع حجّام واقف وسفرة⁣(⁣٨) موضوعة فيها المواسي، فإذا أتي بشرّاب النبيذ حلق رؤوسهم ولحاهم. فقال له القعقاع: أتطلب مني النّبيذ وأنت ترى ما أصنع بشرّابه؟ عليك بالعسل والماء البارد، فوثب ثم قال:

  قد علم المظلّ والمبيت ... أني من القعقاع فيما شيت


(١) كذا في ب، س: وفي أ، م: «يكفى». وفي ف: «يلغى».

(٢) كذا في غير ف. وفي ف: «لعبد عبد اللَّه أو لمولى».

(٣) في أ، م: «شهرين داما فبواد رجع». وفي ف: «شهرين دأبا فبواد رجع».

(٤) كذا في أ، م. وفي غيرهما: «يركع».

(٥) المطبع: المثقل بالحمل.

(٦) في أ، م: «ثريدة».

(٧) كذا في ب، س. ومعناه: المنسوبة إلى خراسان. وفي أ، م: «الخراسانية» وفي ف «العدسية» بضم العين: ضرب من الغنم.

(٨) في ب،: «صفرة»، تحريف.