كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

الأحوص وبعض أخباره

صفحة 69 - الجزء 21

  والرأس شامله البياض كأنه ... بعد السّواد به الثّغام المحجل⁣(⁣١)

  وسفيهة هبّت عليّ بسحرة ... جهلا تلوم على الثّواء وتعذل⁣(⁣٢)

  فأجبتها أن قلت لست مطاعة ... فذري تنصّحك الذي لا يقبل

  / إنّي كفاني أن أعالج رحلة ... عمر ونبوة من يضنّ ويبخل

  بنوال ذي فجر تكون سجاله ... عمما إذا نزل الزّمان الممحل

  ماض على حدث الأمور كأنه ... ذو رونق⁣(⁣٣) عضب جلاه الصّيقل

  تبدي الرجال إذا بدا إعظامه ... حذر البغاث هوى لهنّ الأجدل⁣(⁣٤)

  فيرون أنّ له عليهم سورة ... وفضيلة سبقت له لا تجهل

  متحمّل ثقل الأمور حوى له ... سبق المكارم سابق متمهّل

  وله إذا نسبت قريش منهم ... مجد الأرومة والفعال الأفضل

  وله بمكة إذ أميّة أهلها ... إرث إذا عدّ القديم مؤثّل

  / أعيت قرابته وكان لزومه ... أمرا أبان رشاده من يعقل⁣(⁣٥)

  وسّموت عن أخلاقهم فتركتهم ... لنداك إنّ الحازم المتحوّل

  ولقد بدأت أريد ودّ معاشر ... وعدوا مواعد أخلفت إن حصّلوا

  حتى إذا رجع اليقين مطامعي ... بأسا وأخلفني الذين أؤمّل

  زايلت ما صنعوا إليك برحلة ... عجلي وعندك عنهم متحوّل

  ووعدتني في حاجة فصدقتني ... ووفيت إذ كذبوا الحديث وبدّلوا

  وشكوت غرما فادحا فحملته ... عنّي وأنت لمثله متحمّل

  فلأشكرنّ لك الذي أوليتني ... شكرا تحلّ به المطيّ وترحل

  مدحا تكون لكم غرائب شعرها ... مبذولة ولغيركم لا تبذل

  فإذا تنحّلت القريض فإنّه ... لكم يكون خيار ما أتنحّل

  ولعمر من حجّ الحجيج لبيته ... تهوي به قلص المطيّ الذّمّل


(١) الثغام: نبت أبيض، ويقال: أثغم الرأس: صار كالثغام بياضا، والمحجل من الحجل، وهو البياض في رجل الفرس ونحوه، فهو صفة مؤكدة: وفي ب، مم: «المحول» بدل «المحجل» أي الثغام الذي مضى عليه الحول، والرواية الأولى أرجح، وفي ب «شاملة البياض» وقد رجحنا رواية ف، مم؛ لأن الرأس مذكر.

(٢) بسحرة إنها تعذلني وقت السحر، وفي ب «الثراء» بدل «الثواء» والمثبت من ف وهو أوفق لما في الأبيات التالية.

(٣) ذو رونق: صفة لموصوف محذوف، والتقدير: كأنه سيف ذو رونق.

(٤) ف «الحمام» بدل «البغاث» والأجدل: الصقر. يريد أن الرجال يهابون عمر كما يهاب البغاث أو الحمام الصقر.

(٥) مو، ب، مم:

«أعيت قرائنه وكان لزومه ... أثرا أبان وشاده من يعقل «

والصواب ما أثبتناه، والمعنى عليه: أن الالتجاء إلى الممدوح أمر أشار به ذو والتجربة والخبرة.