كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر عبد الله بن الحسن بن الحسن $ ونسبه وأخباره وخبر هذا الشعر

صفحة 84 - الجزء 21

  قال ابن شّبة: فحدّثني محمد بن عباد عن السّندي بن شاهك:

  أن أبا جعفر قال لعقبة بن سلم: إذا فرغنا من الطَّعام فلحظتك فامثل بين يدي عبد اللَّه، فإنه سيصرف بصره عنك، فدر حتى تغمز / ظهره بإبهام رجلك، حتى يملأ عينيه منك، ثم حسبك وإياك أن يراك ما دام يأكل، ففعل ذلك عقبة، فلما رآه عبد اللَّه وثب حتى جثا بين يدي أبي جعفر، وقال: يا أمير المؤمنين أقلني أقالك اللَّه، قال: لا أقالني اللَّه إن أقلتك، ثم أمر بحبسه.

  قال ابن شبة، فحدّثني أيوب بن عمر، عن محمّد بن خلف المخزوميّ قال: أخبرني العباس بن محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس قال:

  / لمّا حجّ أبو جعفر في سنة أربعين ومائة أتاه عبد اللَّه وحسن ابنا حسن، فإنهما وإياي لعنده، وهو مشغول بكتاب ينظر فيه إذ تكلَّم المهديّ فلحن، فقال عبد اللَّه: يا أمير المؤمنين، ألا تأمر بهذا من يعدّل لسانه، فإنه يفعل فعل الأمة، فلم يفهم، وغمزّت عبد اللَّه فلم ينتبه، وعاد لأبي جعفر فأحفظ من ذلك، وقال له: أين ابنك؟ قال: لا أدري، قال: لتأتيني به، قال: لو كان تحت قدميّ ما رفعتهما عنه، قال: يا ربيع فمر به إلى الحبس.

  زوجته هند بنت أبي عبيدة

  : أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد، عن يحيى بن الحسن قال:

  توفي عبد اللَّه في محبسه بالهاشمية وهو ابن خمس وسبعين سنة في سنة خمس وأربعين ومائة وهند التي عناها عبد اللَّه في شعره الذي فيه الغناء زوجته هند بنت أبي عبيدة بن عبد اللَّه بن زمعة بن الأسود بن المطَّلب بن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ، وأمها قرينة بنت يزيد بن عبد اللَّه بن وهب بن زمعة بن الأسود بن المطَّلب.

  وكان أبو عبيدة جوادا وممدّحا، وكانت هند قبل عبد اللَّه بن الحسن تحت عبد اللَّه بن عبد الملك بن مروان، فمات عنها.

  فأخبرني الحرميّ عن الزبير عن سليمان بن عيّاش السعديّ قال:

  لما توفي أبو عبيدة وجدت ابنته هند وجدا شديدا، فكلَّم عبد اللَّه بن الحسن محمد بن بشير الخارجي أن يدخل على هند بنت أبي عبيدة، فيعزّيها ويؤسّيها عن أبيها، فدخل معه عليها، فلما نظر إليها صاح بأبعد صوته.

  قومي اضربي عينيك يا هند لن ترىّ ... أبا مثله تسمو إليه المفاخر⁣(⁣١)

  وكنت إذا أسبلت فوقك والدا ... تزيني⁣(⁣٢) كما زان اليدين الأساور

  / فصكَّت وجهها، وصاحت بحربها وجهدها، فقال له عبد اللَّه بن الحسن: ألهذا دخلت؟ فقال الخارجيّ:

  وكيف أعزّي عن أبي عبيدة وأنا أعزّى به!.

  أخبرني العتكيّ، عن شبّة: قال: حدثني عبد الرحمن بن جعفر بن سليمان، عن عليّ بن صالح، قال:

  زوّج عبد الملك بن مروان ابنه عبد اللَّه هند بنت أبي عبيدة وريطة بنت عبد اللَّه بن عبد المدان لما كان يقال إنه


(١) البيت من الطويل، ودخله الخرم.

(٢) كان الأوفق أن يقال: تزانى بدل تزيني، فلعل الشاعر أراد تزيني نفسك: وحذف المفعول.