كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار تأبط شرا ونسبه

صفحة 88 - الجزء 21

  يبيع ثقفيا أحمق اسمه بطيلسانة

  : قال حمزة: ولقي تأبّط شرّا ذات يوم رجلا من ثقيف يقال له أبو وهب، كان جبانا⁣(⁣١) أهوج، وعليه حلَّة جيّدة، فقال أبو وهب لتأبّط شرّا: بم تغلب الرجال يا ثابت، وأنت كما أرى دميم ضئيل؟ قال: باسمي، إنما أقول ساعة ما ألقى الرّجل: أنا تأبّط شرّا، فينخلع قلبه حتى أنال منه ما أردت، فقال له الثقفي: أقط⁣(⁣٢) قال: قطَّ، قال:

  فهل لك أن تبيعني اسمك؟ قال: نعم، فبم تبتاعه؟ قال: بهذه / الحلَّة وبكنيتك قال له: أفعل، ففعل، وقال له تأبّط شرّا: لك اسمي ولي كنيتك⁣(⁣٣)؟، وأخذ حلَّته وأعطاه طمرية، ثم انصرف، وقال في ذلك يخاطب زوجة الثّقفيّ:

  ألا هل أتى الحسناء أنّ حليلها ... تأبّط شرّا واكتنيت أبا وهب

  فهبه تسّمى اسمي وسمّيت باسمه⁣(⁣٤) ... فأين له صبري على معظم الخطب؟

  وأين له بأس كبأسي وسورتي ... وأين له في كل فادحة قلبي؟

  يخونه نشاطه أمام الحسان

  : قال حمزة: وأحبّ تأبّط شرّا جارية من قومه، فطلبها زمانا لا يقدر عليها، ثم لقيته ذات ليلة فأجابته وأرادها، فعجز عنها، فلما رأت جزعه من ذلك تناومت عليه فآنسته وهدأ، ثم جعل يقول:

  /

  ما لك من أير سلبت الخلَّه ... عجزت عن جارية رفلَّه⁣(⁣٥)

  تمشي إليك مشية خوزلَّه⁣(⁣٦) ... كمشية الأرخ تريد العلَّه

  الأرخ: الأنثى من البقر التي لم تنتج. العلة تريد أن تعل بعد النهل، أي أنها قد رويت فمشيتها ثقيلة. والعل:

  الشّرب الثاني.

  لو أنها راعية في ثلَّه ... تحمل قلعين لها قبلَّه

  لصرت كالهراوة العتلَّه⁣(⁣٧)

  قصته مع بجيلة

  : أخبرني الحسن بن علي عن عبد اللَّه بن أبي سعد عن أحمد بن عمر عن أبي بركة الأشجعي قال:

  أغار تأبط شرّا - وهو ثابت بن العميثل الفهمي، ومعه ابن براق الفهميّ على بجيلة - فأطردا لهم نعما، ونذرت بهما بجيلة، فخرجت في آثارهما ومضيا هاربين في جبال السّراة، وركبا الحزن، وعارضتهما بجيلة في السهل فسبقوهما إلى الوهط - وهو ماء لعمرو بن العاص بالطائف - فدخلوا لهما في قصبة العين، وجاءا، وقد بلغ العطش


(١) ف، هد: «كان حسّانا أهوج» وهو تحريف.

(٢) أقط: أتغلب بهذا فقط، وقط هنا بمعنى فحسب.

(٣) ف، هد، مو: «لك اسمي ولي اسمك».

(٤) ف، هد، مو:

«وسماني اسمه»

بدل

«وسميت باسمه»

وكذا في «المختار» أيضا.

(٥) جارية رفلة: سمينة، وفي «المختار»:

... سلبت الحلَّة»

(٦) ف، هد، مو: «والمختار»: «هرولة». والخيزلي والهرولة: نوعان من المشي.

(٧) الثلة: جماعة الغنم، وقبله، كذا في الأصول، وهي مأخوذة من القبل بمعنى الحول، وفي «القاموس»: اقبالَّت المرأة، أي أصيبت بالقبل، والعتل: الجافي الغليظ، والرمح الغليظ، وفي ب، ف: «العبلة» ولعلها مأخوذة من العبل، بمعنى السّمن وامتلاء الجسم.