أخبار الشنفري ونسبه
  أركَّبها في كل أحمر عاتر ... وأقذف منهن الذي هو مقرف(١)
  وتابعت فيه البري حتى تركته ... يزفّ إذا أنفذته ويزفزف(٢)
  بكفّي منها للبغيض عراضة ... إذا بعت خلَّا ما له متخوّف(٣)
  وواد بعيد العمق ضنك جماعه ... بواطنه للجن والأسد مألف(٤)
  تعسّفت منه بعد ما سقط الندى ... غماليل يخشى غيلها المتعسّف(٥)
  وإني إذا خام الجبان عن الرّدى ... فلي حيث يخشى أن يجاوز مخسف(٦)
  وإن امرأ أجار سعد بن مالك ... عليّ وأثواب الأقيصر يعنف(٧)
  / وقال الشنفري أيضا:
  ومستبسل ضافى القميص ضغتّه ... بأزرق لا نكس ولا متعوّج(٨)
  عليه نساريّ على خوط نبعة ... وفوق كعرقوب القطاة محدرج(٩)
  وقاربت من كفّيّ ثم فرجتها ... بنزع إذا ما استكره النزع مخلج(١٠)
  فصاحت بكفي صيحة ثم رجّعت ... أنين الأميم ذي الجراح المشجّج(١١)
  وقد روى: فناحت بكفي نوحة.
  رواية ثالثة في مقتله
  : وقال غيره: لا بل كان من أمر الشنفري أنه سبت بنو سلامان بن مفرّج بن مالك بن هوازن(١٢) بن كعب بن عبد اللَّه بن مالك بن نصر بن الأزد الشنفري(١٣) - وهو أحد بني ربيعة بن الحجر بن عمران بن عمرو بن حارثة بن
(١) العاتر: الشديد، المقرف: غير الحسن، يريد أنه لا يستعمل في قوسه إلا السهام الصلبة، ولو قال:
«أركب فيها كل أحمر عاتر»
لكان أوضح.
(٢) يزف: يفعل فعل الطائر إذا رمى بنفسه، وبسط جناحيه، والزفزفة: شدة الجري، أو تحريك الريح للحشيش وصوتها فيه.
(٣) العراضة: الهدية، والمراد هنا التهكم، والمراد بقوله:
«ما له متخوف»
تفاهة الخل وحقارة شأنه.
(٤ - ٥) جماع الشيء: مجتمع أصله، تعسف: مشى على غير هدى، الغماليل: الدوابي، الغيل: الأشجار الكثيفة. يقول: رب واد ضيق الأصل تألفه الآساد والجن صعدت عند سقوط الندى روابيه التي لا يجرؤ على صعودها إنسان.
(٦) خام: جبن وضعف، مخسف: من خسف الطريق بمعنى ذلله وقطعه.
(٧) سعد بن مالك - على ما يبدو - من أعداء الشاعر، الواو من وأثواب للقسم، الأقيصر: صنم مقدس عندهم، وفي هد، وهج، ف:
«وأبواب» بدل «وأثواب».
(٨) الواو واو رب، ضافى القميص: كناية عن طوله، ضغت الشيء: لاكه بالأنياب والنّواجذ، ويريد بالأزرق ... إلخ السهم، يقول:
رب شجاع باسل فارع الجسم أصميته بسهم نافذ جرئ معتدل.
(٩) ضمير عليه يعود على «أزرق» في البيت السابق، نساري: ريش نسر الخوط، النبعة: شجرة صلبة تتخذ منها السهام، الفوق من السهم: حيث يثبت الوتر منه، والمحدرج: الأملس.
(١٠) مخلج: من أخلج الشيء بمعنى انتزعه.
(١١) الأميم: المضروب على أم رأسه، المشجج: من شج رأسه.
الأبيات الثلاثة في وصف السهم وكيف يرميه، وكيف يئن عند الرمي أنين من ضرب على أم رأسه.
(١٢) في ف، هج، هد: «زهران» بدل «هوازن».
(١٣) مفعول سبت في السطر السابق.