كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الخليل ونسبه

صفحة 129 - الجزء 21

١٣ - أخبار الخليل ونسبه⁣(⁣١)

  نسبه

  : هو الخليل بن عمرو، مكيّ، مولى بني عامر بن لؤيّ، مقلّ لا تعرف له صنعة غير هذا الصوت.

  يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل اللَّه

  : أخبرني الحسن بن عليّ قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال: حدثني القطرانيّ المغني، عن محمد بن حسين⁣(⁣٢)، قال:

  كان خليل المعلم يلقب خليلان، وكان يؤدب الصّبيان ويلقنهم القرآن والخط، ويعلَّم الجواري الغناء في موضع واحد، فحدثني من حضره قال: كنت يوما عنده وهو يردّد على صبي يقرأ بين يديه {ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ أللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ}⁣(⁣٣) ثم يلتفت إلى صبية بين يديه فيردّد عليها:

  اعتاد هذا القلب بلباله ... أن قرّبت للبين أجماله⁣(⁣٤)

  فضحكت ضحكا مفرطا لما فعله، فالتفت إليّ فقال: ويلك مالك؟ فقلت: أتنكر ضحكي مما تفعل؟ واللَّه ما سبقك إلى هذا أحد! ثم قلت: انظر أيّ شيء أخذت على الصبيّ من القرآن، وأيّ شيء هو ذا تلقي على الصبية، واللَّه إني لأظنك ممّن يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللَّه، فقال: أرجو ألا أكون كذلك إن شاء اللَّه.

  يسيء الآزدي فهم غنائه

  : أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال: حدثنا محمد بن يزيد المبرّد قال: حدثني عبد الصمد بن المعذّل قال:

  كان خليلان المعلم أحسن الناس غناء، وأفتاهم وأفصحهم، فدخل يوما على عقبة / بن سلم الأزديّ الهنائيّ فاحتبسه عنده، فأكل معه ثم شرب، وحانت منه التفاتة، فرأى عودا معلَّقا، فعلم أنه عرّض له به، فدعا به وأخذه فغناهم:

  بابنة الأزديّ قلبي كئيب ... مستهام عندها ما ينيب⁣(⁣٥)

  وحانت منه التفاتة فرأى وجه عقبة بن سلم متغيرا⁣(⁣٦)، وقد ظن أنه عرّض به، ففطن لما أراد فغنّى:

  ألا هزئت بنا قرش ... يّة يهتزّ موكبها⁣(⁣٧)


(١) هذه الترجمة مما سقط من التراجم من طبعة بولاق، وموضعها هنا حسب المخطوطات المعتمدة.

(٢) في هد، هج «حبر» بدل «حسين».

(٣) سورة لقمان، آية: ٦.

(٤) البيت من السريع.

(٥) ما ينيب: ما يرجع.

(٦) يبدو أن تغير وجه عقبة سببه أنه ظن خليلان يشبب بابنته.

(٧) في ف: «منكبها» بدل «موكبها».