أخبار ابن دارة ونسبه
  علام تمشّى فقعس بدمائكم ... وما هي بالفرع المنيف ولا الأصل؟(١)
  وكنّا حسبنا فقعسا قبل هذه ... أذلّ على وقع الهوان من النّعل
  فقد نظرت نحو السماء وسلَّمت ... على الناس واعتاضت بخصب من المحل
  / رمى اللَّه في أكبادكم أن نجت بها ... شعاب القنان من ضعيف ومع وغل(٢)
  وإن أنتم لم تثأروا بأخيكم ... فكونوا نساء للخلوق وللكحل(٣)
  وبيعوا الرّدينيات بالحلي واقعدوا ... على الذلّ وابتاعوا المغازل بالنّبل(٤)
  ألا حبّذا من عنده القلب في كبل ... ومن حبّة داء وخبل من الخبل(٥)
  ومن هو لا ينسى ومن كلّ قوله ... لدينا كطعم الراح أو كجنى النّحل
  ومن إن نأى لم يحدث النأي بغضه ... ومن إن دنا في الدار أرصد بالبذل(٦)
  خبر السمهري مع نديمه ومصرعه
  : وأمّا خبر السمهريّ ومقتله فإن عليّ بن سليمان الأخفش أخبرني به قال: حدثنا أبو سعيد السّكَّريّ قال: حدثنا محمد بن حبيب، عن أبي عمرو الشيبانيّ قال:
  لقي السّمهريّ بن بشر بن أقيش(٧) بن مالك بن الحارث بن أقيش العكلي ويكنى أبا الديل هو وبهدل ومروان بن قرفة الطائيان عون بن جعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ومعه خاله: أحد بني حارثة بن لأم من طيء بالثعلبية، وهو يريد الحج من الكوفة، أو يريد المدينة، وزعم آخرون أنهم لقوه بين نخل والمدينة، فقالوا له: العراضة، أي مر لنا بشيء فقال: يا غلام(٨)، جفّن لهم، فقالوا: لا واللَّه ما الطعام / نريد، فقال: عرّضهم(٩)، فقالوا: ولا ذلك نريد، فارتاب بهم، فأخذ السيف فشدّ عليهم، وهو صائم، وكان بهدل لا يسقط له سهم، فرمى عونا فأقصده، فلما قتلوه ندموا، فهربوا، ولم يأخذوا إبله، فتفرقت إبله، ونجا خاله الطائي، إما عرفوه فكفوا عن قتله، وإما هرب ولم يعرف القتلة، فوجد بعض إبله في يدي شافع بن واتر الأسديّ.
  وبلغ عبد الملك بن مروان الخبر فكتب إلى الحجاج بن يوسف، وهو عامله على العراق، وإلى هشام بن
(١) تمشى بدمائكم: تذهب بها بلا قود، المنيف: العالي المرتفع.
(٢) القنان: جمع قنة، وهي ما ارتفع من الجبل ونحوه، والوغل: النذل الساقط، يدعو على قومه بأن يصابوا في أكبادهم إن تركوا هؤلاء القوم الضعاف الساقطين يتحصنون منهم في شعاب الجبال.
(٣) الخلوق: نوع من الطيب.
(٤) الردينات: الرماح المنسوبة إلى ردينة، وهي امرأة كانت صناعا في إعدادها.
(٥) البيت مصرع، ولذلك جاء بعروضة غير مقبوضة، والكبل: الأسر، وهنا يعود الشاعر إلى الغزل بحبيبته، فيختم به قصيدته، كما بدأها به.
(٦) أرصد بالبذل: كوفئ يبذل الود ونحوه.
(٧) في ف، هد: بشر بن أويس.
(٨) جفن لهم: املأ الجفنة لهم طعاما.
(٩) عرضهم: من العراضة بمعنى الهدية.