كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن دارة ونسبه

صفحة 161 - الجزء 21

  رمى اللَّه في أكبادهم إن نجت بها ... حروف القنان من ذليل ومن وغل

  وكنا حسبنا فقعسا قبل هذه ... أذلّ على طول الهوان من النّعل

  فإن أنتم لم تثأروا بأخيكم ... فكونوا بغايا للخلوق وللكحل

  وبيعوا الردينيّات بالحلي واقعدوا ... على الوتر وابتاعوا المغازل بالنّبل

  فإنّ الذي كانت تجمجم فقعس ... قتيل بلا قتلى وتبل بلا تبل

  فلا سلم حتى تنحط الخيل بالقنا ... وتوقد نار الحرب بالحطب الجزل

  يقتلون ابن سعدة وأمه

  : فلما بلغ قوله مالكا أخا السمهريّ بخراسان، انحطَّ من خراسان، حتى قدم بلاد عكل فاستجاش نفرا من قومه، فعلقوا⁣(⁣١) في أرض بني أسد يطلبون الغرّة فوجدوا بثادق⁣(⁣٢) رجلا معه امرأة من فقعس، فقتلوه، وحزّوا رأسه، وذهبوا بالرأس، وتركوا جسده، كما قتلوها أيضا، وذكر لي: أن الرجل ابن سعدة والمرأة التي كانت معه هي سعدة أمّه، فقال عبد الرحمن في ذلك:

  ما لقتيل فقعس لا رأس له ... هلَّا سألت فقعسا من جدّله⁣(⁣٣)

  لا يتبعنّ فقعسيّ جمله ... فردا إذا ما الفقعسيّ أعمله⁣(⁣٤)

  لا يلقينّ قاتلا فيقتله ... بسيفه قد سمّه وصقله⁣(⁣٥)

  / وقال عبد الرحمن أيضا:

  لمّا تمالى القوم في رأد الضّحى ... نظرا وقد لمع السّراب فجالا⁣(⁣٦)

  نظر ابن سعدة نظرة ويلا لها ... كانت لصحبك والمطيّ خبالا⁣(⁣٧)

  لمحا رأى من فوق طود يافع ... بعض العداة وجنّة وظلالا⁣(⁣٨)

  عيّرتني طلب الحمول وقد أرى ... لم آتهنّ مكفّفا بطَّالا⁣(⁣٩)

  فانظر لنفسك يا بن سعدة هل ترى ... ضبعا تجرّ بثادق أوصالا


(١) علقوا: طفقوا، أي أخذوا يطلبون الغرة.

(٢) ثادق: اسم واد في ديار عقيل.

(٣) يقصد بقتيل فقعس ابن سعدة، جدّله: صرعه، وفي ف، هج، هد:

«هلا سألت بارقا من جدله»

(٤) أعمل جمله: جعله يعمل، أي سرح به، يريد أن يقول: لا يأمن فقعسى على نفسه منا.

(٥) في ف، هج: «بصارم» بدل «بسيفه».

(٦) تمالى القوم، من ملا يملو بمعنى سار سيرا حثيثا. نظرا: مفعول مطلق لفعل محذوف، أي وهم ينظرون نظرا.

(٧) البيت جواب لما في البيت السابق، وابن سعدة هو القتيل الذي قتلوه، وفي ف، هد «وتلابها» وفي ب «ويلابها» ونرجح أن كليهما تحريف «ويلا لها» أي كانت هذه النظرة ويلا على صاحبها، والخطاب - فيما نرجح - للكميت الذي كانت بينه وبينه ملاحاة.

(٨) فاعل رأى ابن سعدة، الجنة: السلاح ونحوه.

(٩) الخطاب للكميت، الحمول: الديات، مكففا: من كف بمعنى ترك، بطالا: من بطل الدم بمعنى ذهب هدرا، والمعنى: عيرتني بطلب ديات سالم وعدم الأخذ بثأره، مع أنني لم أطلب هذه الديات متناسيا دمه مبطلا له كافا عن الأخذ بثأره، وقد كثر اضطراب الأصول في رواية ألفاظ هذا البيت، والمثبت بعضه من ف وهج.