أخبار هدبة بن خشرم ونسبه
  اخترت منها قوله
  :
  وأنك للناس الخليل إذا دنت ... به الدار، والباكي إذا ما تغيّبا(١)
  وقد أعذرت صرف الليالي بأهلها ... وشحط النّوى بيني وبينك مطلبا(٢)
  فلا هي تألو ما نأت وتباعدت ... ولا هو يألو ما دنا وتقرّبا(٣)
  أطعت بها قول الوشاة فلا أرى ال ... وشاة انتهوا عنه ولا الدهر أعتبا(٤)
  فهلَّا صرمت والحبال متينة ... أميمة إن واش وشى وتكذّبا(٥)
  إذا خفت شكّ الأمر فارم بعزمه ... غيابته يركب بك الدهر مركبا
  وإن وجهة سدّت عليك فروجها ... فإنّك لاق لا محالة مذهبا
  يلام رجال قبل تجريب غيبهم ... وكيف يلام المرء حتى يجرّبا
  وإنّي لمعراض قليل تعرّضي ... لوجه امرئ يوما إذا ما تجنّبا(٦)
  قليل عثارى حين أذعر، ساكن ... جناني إذا ما الحرب هرّت لتكلبا(٧)
  / بحسبك ما يأتيك فاجمع لنازل ... قراه ونوّبه إذا ما تنوّبا(٨)
  ولا تنتجع شرّا إذا حيل دونه ... بستر وهب أسبابه ما تهيّبا
  أنا ابن رقاش وابن ثعلبة الذي ... بني هاديا يعلو الهوادي أغلبا(٩)
  بنى العزّ بنيانا لقومي فما صعوا ... بأسيافهم عنه فأصبح مصعبا(١٠)
  فما إن ترى في الناس أما كأمّنا ... ولا كأبينا حين ننسبه أبا
  أتمّ وأنمي بالبنين إلى العلا ... وأكرم منا في المناصب منصبا(١١)
  ملكنا ولم نملك وقدنا ولم نقد ... كأنّ لنا حقا على الناس ترتبا
  - قال اليزيديّ: ترتب: ثابت لازم -.
(١) في ب كالناس، وهو تحريف، يريد أنه لا ينسى الخليل إذا نسبه، يذكره قريبا، ويبكيه بعيدا.
(٢) أنث صرف الليالي لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه، يقول: إن صروف الليالي توجب التماس العذر للناس، وإن بعد الشقة بيني وبينك عذرني في طلابك.
(٣) يريد أنها لا تقصرني حفظ عهد إن بعدت، كما أنه يزيد حبا لها إن قربت.
(٤) يريد أنه تظاهر بطاعة الوشاة ليكفوا عنهما فلم يكفوا، ولا الدهر أعتبه، أي قبل عتابه.
(٥) يقول: هلا تظاهرت يا أميمة أنت أيضا بصرم حبال الود، وإن كانت في الباطن متينة وثيقة العرى لتقطع ألسنة الوشاة.
(٦) معراض: كثير الإعراض عن الشيء الذي لا يهمني.
(٧) هرت: كشرت عن أنيابها، لتكلب: لتشتد.
(٨) نوبة: احفظ حقه في النوبة عند الركوب ونحوه، وربما كانت محرفة عن «ثوبه» بمعنى كافئه، وأحسن إليه.
(٩) الهادي: العنق، الأغلب: الغليظ العنق.
(١٠) ماصع: جالد. وفي «المختار»: «فأصبعوا» بدل «فما صعوا».
(١١) في «المختار»:
... باليمين إلى العلا»