أخبار هدبة بن خشرم ونسبه
  أيهما أحسن: سربه أم السمكات الثلاث؟
  : أخبرنا الحرميّ قال: حدثنا الزبير عن عمه قال:
  مرّ أبو الحارث جمّين يوما بسوق المدينة، فخرج عليه رجل من زقاق ابن واقف بيده ثلاث سمكات قد شقّ أجوافها: وقد خرج شحمها، فبكى أبو الحارث، ثم قال: تعس الذي يقول:
  فلم ترعيني مثل سرب رأيته ... خرجن علينا من زقاق بن واقف
  وانتكس ولا انجبر، واللَّه لهذه السمكات الثلاث أحسن من السرب الذي وصف.
  وأحسب أن هذا الخبر مصنوع لأنه ليس بالمدينة بزقاق ابن واقف، ولا بها سمك، ولكن رويت ما روي.
  حبىّ ترثى لحاله
  : وقال حماد بن إسحاق عن أبيه أنّ ابن كناسة قال:
  مرّ بهدبة على حبيّ(١)؛ فقالت: في سبيل اللَّه شبابك وجلدك وشعرك وكرمك؛ فقال هدبة:
  تعجّب حبيّ من أسير مكبّل ... صليب العصا باق على الرّسفان(٢)
  فلا تعجبي منّي حليلة مالك ... كذلك يأتي الدهر بالحدثان
  يبين لزوجته أوصاف من يخلفه عليها
  : وقال النّوفليّ عن أبيه:
  فلما مضي به من السجن للقتل، التفت فرأى امرأته؛ وكانت من أجمل النساء فقال:
  /
  أقلَّي عليّ الَّلوم يا أمّ بوزعا ... ولا تجزعي ممّا أصاب فأوجعا
  ولا تنكحي إن فرّق الدهر بيننا ... أغمّ القفا والوجه ليس بأنزعا(٣)
  كليلا سوى ما كان من حدّ ضرسه ... أكيبد مبطان العشيّات أروعا(٤)
  ضروبا بلحييه على عظم زوره ... إذا الناس هشّوا للفعال تقنّعا(٥)
  وحلَّي بذي أكرومة وحميّة ... وصبر إذا ما الدهر عضّ فأسرعا
  زوجته تشوه جمالها بسكين
  : وقال حمّاد عن أبيه عن مصعب بن عبد اللَّه قال:
(١) حبى: اسم امرأة كانت تحت رجل اسمه مالك.
(٢) الرسفان: المشي الوئيد يمشيه المقيد في قيده.
(٣) الأنزع: من انحسر شعره عن جبينه وقفاه.
(٤) يريد بالمصراع الأول أنه كليل العزم والسيف غير كليل الناب والضرس. الأكيبد: تصغير أكبد بمعنى مصاب في كبده، مبطان العشيات: كثير الأكل ليلا، أروع: من الروع، وهو الخوف، أي جبان.
(٥) اللحيان: العظمان اللذان ركبت فيهما الأسنان العلوية والسفلية، والمصراع الأول كناية أيضا عن البطنة، هشوا: سروا وانشرحت صدورهم، الفعال - بفتح الفاء - الكرم والفعل الحميد، تقنع: أخفى وجهه وغطاه بغشاء.