كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته

صفحة 187 - الجزء 21

  هاجيت كذا وكذا شاعرا، فسمّى عددا كثيرا، وأنه تفرّد لي وحدي⁣(⁣١).

  خبره مع النوار

  : أخبرني عبد اللَّه قال: قال المازنيّ: قال أبو علي الحرمازيّ:

  كان من خبر الفرزدق والنّوار ابنة أعين بن صعصعة بن ناجية بن عقال المجاشعيّ - وكانت ابنة عمه - أنه خطبها رجل من بني عبد اللَّه بن دارم فرضيته، وكان الفرزدق وليّها، فأرسلت إليه أن زوّجني من هذا الرجل، فقال:

  لا أفعل أو تشهديني أنك قد رضيت بمن زوّجتك، ففعلت، فلما توثّق منها، قال: أرسلي إلى القوم فليأتوا، فجاءت بنو عبد اللَّه بن دارم فشحنوا مسجد بني مجاشع وجاء الفرزدق، فحمد اللَّه، وأثنى عليه ثم قال: قد علمتم أن النوار قد ولَّتني أمرها، وأشهدكم أني قد زوجتها نفسي على مائة ناقة حمراء سوداء الحدقة. فنفرت من ذلك وأرادت الشخوص إلى ابن الزبير حين أعياها أهل البصرة⁣(⁣٢) ألَّا يطلقوها من الفرزدق حتى يشهد لها الشهود، وأعياها الشهود أن يشهدوا لها اتّقاء الفرزدق، وابن الزبير يومئذ أمير⁣(⁣٣) الحجاز والعراق يدعي له بالخلافة / - فلم تجد من يحملها، / وأتت فتية من بني عديّ بن عبد مناة بن أدّ، يقال لهم بنو أمّ النّسير، فسألتهم برحم تجمعهم وإياها - وكانت بينها وبينهم قرابة - فأقسمت عليهم أمها: ليحملنها، فحملوها، فبلغ ذلك الفرزدق، فاستنهض عدّة من أهل البصرة فأنهضوه، وأوقروا له عدة من الإبل، وأعين بنفقة، فتبع النّوار، وقال:

  أطاعت بني أم النّسير فأصبحت ... على شارف ورقاء صعب ذلولها⁣(⁣٤)

  وإنّ الذي أمسى يخبّب زوجتي ... كماش إلى أسد الشّرى يستبيلها⁣(⁣٥)

  فأدركها وقد قدمت مكة، فاستجارت بخولة بنت منظور بن زبّان بن سيار الفزاري، وكانت عند عبد اللَّه بن الزبير، فلما قدم الفرزدق مكة اشرأب الناس إليه، ونزل على بني عبد اللَّه بن الزبير، فاستنشدوه، واستحدثوه ثم شفعوا له إلى أبيهم، فجعل يشفعهم في الظاهر، حتى إذا صار إلى خولة قلبته عن رأيه، فمال إلى النّوار، فقال الفرزدق في ذلك:

  صوت

  أمّا بنوه فلم تقبل شفاعتهم ... وشفّعت بنت منظور بن زبّانا⁣(⁣٦)

  ليس الشّفيع الذي يأتيك مؤتزرا ... مثل الشفيع الذي يأتيك عريانا

  لعريب في هذا البيت خفيف رمل.

  قال: وسفر بينهما رجال من بني تميم كانوا بمكة، فاصطلحا على أن يرجعا إلى البصرة، ولا يجمعهما ظل ولاكنّ حتى يجمعا في أمرهما ذلك بني تميم، ويصيرا على حكمهم. ففعلا، فلما صارا إلى البصرة رجعت إليه النوار بحكم عشيرتها.


(١) في ب: «وحده» والصواب «وحدي» كما في هج.

(٢) في هج وهد: «حين أعياها أمراء البصرة».

(٣) في هج: «وابن الزبير يومئذ أمير المؤمنين بالحجاز والعراق».

(٤) الشارف: الناقة المسنة، والورقاء: ما في لونها بياض إلى سواد.

(٥) يخبب زوجتي: يخدعها ويفسدها، يستبيلها: يطلب بولها، وفي هد:

«يستنيلها»

أن يطلب نوالها.

(٦) ضمير «بنوه» يعود على عبد اللَّه بن الزبير.