أخبار خالد بن عبد الله
  جده كرز
  وكان يقال لكرز كرز الأعنّة، وإياه عنى قيس بن الخطيم بقوله - لما خرج يطلب النصر على الخزرج -:
  فإن تنزل بذي النّجدات كرز ... تلاق لديه شربا غير نزر(١)
  له سجلان سجل من صريح ... وسجل رثيئة بعتيق خمر(٢)
  ويمنع من أراد ولا يعايا ... مقاما في المحلة وسط قسر(٣)
  جده أسد بن كرز
  وكان أسد بن كرز يدعى في الجاهلية ربّ بجيلة، وكان ممن حرّم الخمر في جاهليته تنزّها عنها، وله يقول القتّال السّحميّ:
  فأبلغ ربّنا أسد بن كرز ... بأنّ النأي لم يك عن تقالي
  وله يقول القتّال يعتذر:
  فأبلغ ربّنا أسد بن كرز ... بأنّي قد ضللت وما اهتديت
  / وله يقول تأبّط شرّا:
  وجدت ابن كرز تستهلّ يمينه ... ويطلق أغلال الأسير المكبّل(٤)
  جده أسد وبنو سحمة
  وكان قوم من سحمة عرضوا لجار لأسد بن كرز، فأطردوا إبلا له، فأوقع بهم أسد وقعة عظيمة في الجاهلية، وتتبعهم حتى عاذوا به، فقال القتّال فيه عدة قصائد يعتذر إليه لقومه، ويستقيله فعلهم(٥) بجاره، ولم أذكرها ههنا لطولها، وأنّ ذلك ليس من الغرض المطلوب في هذا الكتاب، وإنما نذكر ها هنا لمعا(٦) وسائره مذكور في جمهرة أنساب العرب الذي جمعت فيه أنسابها وأخبارها، وسمّيته كتاب التعديل والانتصاف. ولبني سحمة يقول أسد بن كرز / في هذه القصة، وكان شاعرا فاتكا مغوارا:
  ألا أبلغا أبناء سحمة كلَّها ... بني خثعم عني وذلّ لخثعم(٧)
(١) شربا: جمع شارب، كسفر وركب.
(٢) سجلان: تثنية سجل، وهو الدلو العظيمة، صريح: لبن صريح، الرثيئة: اللبن المحلوب على حامض، فلعله يريد أنه كان يقدم هذا المشروب ممزوجا بالخمر، أو يريد أنه يقدم دلو الرثيئة مملوءا بالخمر لا بالرثيئة، وفي هج. هد «وثيلة» بدل «رثيئة» ولا وجه له، وفي بعض النسخ «ربيلة» والربيلة: الخفض والنعمة، والتخريج على هذا المعنى مقبول.
(٣) لا يعايا: من المعاياة بمعنى لا يضار، قسر: بطن من بجيلة، نائب فاعل «معايا» ضمير من أراد، مقاما: تمييز، وفي هج «مقيم» بدل «مقاما» وعليه تكون كلمة «مقيم» نائب فاعل معايا، وفي هد «مقيما» على الحالية من «أراد» نحوى البيت أن كرزا يمنع النزيل، فلا تلحقه مضارة ما دام نازلا وسط قسر.
(٤) تستهل يمينه: تجود، مأخوذ من استهل المطر: بمعنى تدفق.
(٥) يستقيله فعلهم: يطلب إليه إقالتهم من عقوبة ذنبهم.
(٦) لمعا: جمع لمعة: بمعنى بلغة من العيش، شبه بها النتف من الأخبار.
(٧) بني خثعم: بدل من أبناء سحمة، وفي الأصل «فتى خثعم» بدل «بني خثعم».