أخبار أبي حفص الشطرنجي ونسبه
  صوت
  تحبّب فإن الحبّ داعية الحبّ ... وكم من بعيد الدار مستوجب القرب(١)
  إذا لم يكن في الحب عتب ولا رضا ... فأين حلاوات الرسائل والكتب؟
  تفكَّر فإن حدّثت أنّ أخا هوى ... نجا سالما فارج النّجاة من الكرب(٢)
  وأطيب أيام الهوى يومك الذي ... تروّع بالتّحريش فيه وبالعتب(٣)
  قال: وفي هذه الأبيات غناء لعليّة بنت المهديّ، وكانت تأمره أن يقول الشعر في المعاني التي تريدها، فيقولها، وتغني فيها.
  قال: وأنشدني لأبي حفص أيضا.
  صوت
  عرّضن للذي تحبّ بحبّ ... ثم دعه يروضه إبليس
  فلعلّ الزّمان يدنيك منه ... إن هذا الهوى جليل نفيس
  / صابر الحبّ لا يصرّفك فيه ... من حبيب تجهّم وعبوس(٤)
  وأقلّ الَّلجاج واصبر على الجه ... د فإن الهوى نعيم وبوس
  في هذه الأبيات للمسدود هزج ذكره لي جحظة وغيره عنه.
  وأما قوله:
  تحبّب فإن الحبّ داعية الحبّ
  فقد مضت نسبته في أخبار عليّة.
  مساجلة بينه وبين الرشيد على لسان ماردة
  أخبرني الحسن بن علي، قال: حدثنا عبد اللَّه بن أبي سعد، قال: حدثني محمد بن عبد اللَّه بن مالك، وأخبرني به محمد بن خلف بن المرزبان، قال: حدثني أبو العباس الكاتب قال:
  كان الرشيد يحبّ ماردة جاريته، وكان خلَّفها بالرّقّة، فلما قدم إلى المدينة السلام اشتاقها، فكتب إليها:
(١) في هج:
«فإن القرب داعية الحب»
(٢) هكذا ورد في هد، وفي الأصل: فارج النجاة من الحب.
(٣) التحريش: الحك والدلك يمشط ونحوه، وقد استعير هنا لما يحدث بين المحبين من تجن ودلال وملاحاة.
(٤) في هج: «لا يغرنك» بدل «لا يصرفك»، وفي المختار: «تجشم» بدل «تجهم» ويريد الشاعر بهذا البيت ما أراده بشار بقوله:
لا يونسنك من مخدرة ... قول تغلظه وإن جرحا
عسر النساء إلى مياسرة ... والصعب يمكن بعد ما جمحا