ذكر الخبر في حروب الفجار وحروب عكاظ
  بيتي فهو آمن في ذمتي، فداروا بخبائها، حتى صاروا حلقة، فأمضى ذلك كلَّه حرب بن أمية لعمّته، فكان يضرب في الجاهلية بمدار قيس المثل، ويعيّرون بمدارهم يومئذ بخباء سبيعة بنت عبد شمس، قال:
  شاعران يسجلان الموقعة
  وقال ضرار بن الخطاب الفهري قوله:
  ألم تسأل الناس عن شأننا ... ولم يثبت الأمر كالخابر
  غداة عكاظ إذ استكملت ... هوازن في كفّها الحاضر(١)
  وجاءت سليم تهزّ القنا ... على كل سلهبة ضامر(٢)
  وجئنا إليهم على المضمرات ... بأرعن ذي لجب زاخر(٣)
  فلما التقينا أذقناهم ... طعانا بسمر القنا العائر(٤)
  ففرّت سليم ولم يصبروا ... وطارت شعاعا بنو عامر(٥)
  وفرت ثقيف إلى لاتها ... بمنقلب الخائب الخاسر(٦)
  وقاتلت العنس شطر النها ... رثم تولَّت مع الصادر(٧)
  / على أن دهمانها حافظت ... أخيرا لدى دارة الدائر
  وقال خداش بن زهير:
  أتتنا قريش حافلين بجمعهم ... عليهم من الرحمن واق وناصر
  فلما دنونا للقباب وأهلها ... أتيح لنا ريب مع الليل ناجر(٨)
  أتيحت لنا بكر وحول لوائها ... كتائب يخشاها العزيز المكاثر
  جثت دونهم بكر فلم تستطعهم ... كأنهم بالمشرفيّة سامر
  وما برحت خيل تثور وتدّعى ... ويلحق منهم أولون وآخر
  لدن غدوة حتى أتى وانجلى لنا ... عماية يوم شرّه متظاهر(٩)
  وما زال ذاك الدأب حتى تخاذلت ... هوازن وارفضّت سليم وعامر
(١) كفها: لعله من الكف بمعنى ضم الشيء بعضه إلى بعض، والمراد ضم جيوشها، وفي بعض النسخ «لفظها» ولا معنى له.
(٢) السلهبة من الخيل: العظيم الطويل العظام.
(٣) بأرعن: بجيش أرعن: عظيم جرار.
(٤) في هد، هج: «بصم القنا»: بالقنا المصمت، العائر: الذي يصيب العين بالعور.
(٥) الشعاع: المتفرق المنتشر.
(٦) إلى لاتها: إلى صنمها «اللات» الذي تعبده.
(٧) العنس: إحدى القبائل المحاربة، وفي هد، هج: «العير».
(٨) ناجر: شديد الحرارة، وفي هد:
«أتيح لنا ريب من الدهر ناجر»
وفي هج:
«أتيح له عتب مع الليل فاخر»
(٩) شره متظاهر: هجومه قوي، وفي هد، هج بدل المصراع الأول
«لدن غدوه حتى أتى الليل وانجلت»