كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أوس ونسب اليهود النازلين بيثرب وأخبارهم

صفحة 348 - الجزء 22

  تحامى اليهود بتلعانها ... تحامي الحمير بأبوالها⁣(⁣١)

  / فماذا عليّ بأن يلعنوا ... وتأتي المنايا بأذلالها⁣(⁣٢)

  اليهود يذلون للعرب

  قال: فلما قتل مالك من يهود من قتل ذلَّوا؛ وقلّ امتناعهم؛ وخافوا خوفا شديدا؛ وجعلوا كلما هاجهم أحد من الأوس والخزرج بشيء يكرهونه لم يمش بعضهم إلى بعض، كما كانوا يفعلون قبل ذلك، ولكن يذهب اليهوديّ إلى جيرانه الذين هو بين أظهرهم فيقول: إنما نحن جيرانكم ومواليكم، فكان كل قوم من يهود قد لجئوا إلى بطن من الأوس والخزرج، يتعززون بهم.

  يهودية تعتنق الإسلام

  وذكر أبو عمرو الشيباني أن أوس بن ذبّى القرظي كانت له امرأة من بني قريظة أسلمت وفارقته، ثم نازعتها نفسها إليه، فأتته، وجعلت ترغبه في الإسلام، فقال فيها:

  دعتني إلى الإسلام يوم لقيتها ... فقلت لها: لا بل تعالي تهوّدي

  فنحن على توراة موسى ودينه ... ونعم لعمري الدين دين محمد

  / كلانا يرى أن الرّسالة دينه ... ومن يهد أبواب المراشد يرشد⁣(⁣٣)

  ومن الأغاني في أشعار اليهود:

  صوت

  أعاذلتي ألا لا تعذليني ... فكم من أمر عاذلة عصيت

  دعيني وارشدي إن كنت أغوى ... ولا تغوى زعمت كما غويت

  أعاذل قد أطلت الَّلوم حتّى ... لو أنّي منته لقد انتهيت

  وحتى لو يكون فتى أناس ... بكى من عذل عاذلة بكيت

  وصفراء المعاصم قد دعتني ... إلى وصل فقلت لها: أبيت

  وزقّ قد جررت إلى النّدامى ... وزقّ قد شربت وقد سقيت

  الشعر للسموءل بن عاديا - فيما رواه السكري عن الطوسيّ - ورواه أبو خليفة عن محمد بن سلام، والغناء


(١) تحامى: مصدر تحامي، يريد أنهم يطلبون الحماية بلعنه في الكنائس كما تحمي الحمير نفسها ببولها، وفي ب «تخاني» - بالنون - وهو تحريف.

(٢) أذلال: جمع ذل - بفتح الذال - بمعنى الطريق الممهد. أي وماذا يضيرني من لعنهم والمنايا تسير في طرقها إليهم؟ (أو سعتهم سبّا وراحوا بالإبل).

(٣) في هد. هج: «الرشادة» بدل «الرسالة».