كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار السموءل ونسبه

صفحة 352 - الجزء 22

  الأعشى يستجير بابنه فيجيره

  وقال الأعشى يمدح السموءل ويستجير بابنه شريح⁣(⁣١) بن السموءل من رجل كلبي كان الأعشى هجاه، ثم ظفر به، فأسره، وهو لا يعرفه، فنزل بشريح بن المسوءل، وأحسن ضيافته، ومرّ بالأسرى، فناداه الأعشى:

  شريح لا تسلمنّي اليوم إذا علقت ... حبالك اليوم بعد القيد أظفاري⁣(⁣٢)

  / قد سرت ما بين بلقاء إلى عدن ... وطال في العجم تكراري وتسياري⁣(⁣٣)

  فكان أكرمهم عهدا وأوثقهم ... عقدا أبوك بعرف غير إنكار

  كالغيث ما استمطروه جاد وابله ... وفي الشدائد كالمستأسد الضاري

  كن كالسّموءل إذ طاف الهمام به ... في جحفل كسواد الليل جرّار⁣(⁣٤)

  إذ سامه خطَّتي خسف فقال له: ... قل ما تشاء فإني سامع حار⁣(⁣٥)

  فقال: غدر وثكل أنت بينهما ... فاختر، وما فيهما حظَّ لمختار

  فشكّ غير طويل ثم قال له: ... اقتل أسيرك إنّي مانع جاري

  وسوف يعقبنيه إن ظفرت به ... ربّ كريم وبيض ذات أطهار⁣(⁣٦)

  لا سرّهنّ لدينا ذاهب هدرا ... وحافظات إذا استودعن أسراري⁣(⁣٧)

  فاختار أدراعه كيلا يسبّ بها ... ولم يكن وعده فيها بختّار⁣(⁣٨)

  / فجاء شريح إلى الكلبي فقال له: هب لي هذا الأسير المضرور فقال: هو لك، فأطلقه، وقال له: أقم عندي، حتى أكرمك، وأحبوك، فقال له الأعشى: إن تمام إحسانك إليّ أن تعطيني ناقة ناجية⁣(⁣٩)، وتخلَّيني الساعة، فأعطاه ناقة ناجية، فركبها ومضى من ساعته. وبلغ الكبيّ أن الذي وهب لشريح هو الأعشى، فأرسل إلى شريح، ابعث إليّ الأسير الذي وهبت لك حتى أحبوه، وأعطيه، فقال: قد مضى، فأرسل الكلبيّ في أثره، فلم يلحقه.


(١) في هد، هج: «شويح» بدل «شريح».

(٢) في هد، هج، «المختار»: «بعد القد» بدل «بعد القيد» والمعنى واحد.

(٣) «المختار»، هد، هج «بانقيا» بدل «بلقاء».

(٤) يقصد بالهمام الحارث بن ظالم الذي تقدم ذكره، أو المنذر الذي أرسله، وفي هد: «في عسكر» بدل «في جحفل» وفي هج والمختار «كهزيع الليل» بدل «كسواد الليل».

(٥) حار: ترخيم حارث.

(٦) يعني

«ببيض ذات أطهار»

زوجاته.

(٧) كان القياس أن تتكرر «لا».

(٨) ختار: غدار.

(٩) ناجية: سريعة، وإنما بادر الأعشى بالهرب خشية أن يعرف الكلبي هويته فيسترده.