كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار بيهس ونسبه

صفحة 364 - الجزء 22

  قد كاد يعتادني من ذكرها جزع ... لولا الحياء ولولا رهبة العار⁣(⁣١)

  / سقي الإله قبورا في بني أسد ... حول الربيعة غيثا صوب مدرار⁣(⁣٢)

  من الذي بعدكم أرضى به بدلا ... أو من أحدّث حاجاتي وأسراري؟⁣(⁣٣)

  يقف وصحبه على قبرها وينشد

  قال أبو عمرو: واجتاز بيهس في بلاد بني أسد، فمر بقبر صفراء، وهو في موضع يقال له الأحضّ⁣(⁣٤)، ومعه ركب من قومه، وكانوا قد انتجعوا بلاد بني أسد، فأوسعوا لهم، وكان بينهم صهر وحلف، فنزل بيهس على القبر، فقال له أصحابه: ألا ترحل، فقال: أما واللَّه⁣(⁣٥)، حتى أظل نهاري كلَّه عنده، وأقضي وطرا فنزلوا معه عند قبرها، فأنشأ يقول، وهو يبكي:

  ألمّا على قبر لصفراء فاقرآ ... السّلام وقولا حيّنا أيّها القبر

  وما كان شيئا غير أن لست صابرا ... دعاءك قبرا دونه حجج عشر⁣(⁣٦)

  برابية فيها كرام أحبّة ... على أنّها إلا مضاجعهم قفر⁣(⁣٧)

  عشّية قال الرّكب من غرض بنا ... تروّح أبا المقدام قد جنح العصر⁣(⁣٨)

  فقلت لهم: يوم قليل وليلة ... لصفراء قد طال التجنّب والهجر

  / وبتّ وبات الناس حولي هجّدا ... كأنّ عليّ الَّليل من طوله شهر⁣(⁣٩)

  إذا قلت هذا حين أهجع ساعة ... تطاول بي ليل كواكبه زهر

  أقول إذا ما الجنب ملّ مكانه ... أشوك يجافي الجنب أم تحته جمر؟

  / فلو أنّ صخرا من عماية راسيا ... يقاسي الذي ألقى لقد ملَّه الصخر⁣(⁣١٠)

  قال: وأما القحذميّ فإنه ذكر فيما أخبرني به هاشم بن محمد الخزاعيّ، عن عيسى بن إسماعيل رتينة عنه، أنّه كان تزوّجها، ثم طلَّقها بعد أن ولدت منه ابنا؛ فتزوجها رجل من بني أسد، فماتت عنده، وذكر من شعره فيها


(١) يريد بالعار الذي يخشاه دمعه وضعفه وانهياره أمام المصيبة، كما يقول جرير في رثاء زوجته:

لولا الحياء لهاجني استعبار ... ولزرت قبرك والحبيب يزار

(٢) الربيعة: مكان قبر صفراء. صوب مدرار: مطر سحابة هطالة.

(٣) في هد:

«من ذا الذي»

بدل

«من الذي»

، وفي هد، هج، ف: «أم من» بدل «أو من».

(٤) في هد، هج: «الأحص».

(٥) في هد: «لا واللَّه».

(٦) اسم كان ضمير الشأن -، ولو كانت «كان» قامة «و» شيئا «مرفوعة لكان أحسن، دعاءك: مفعول» صابرا «وقبرا: مفعول» دعاءك «يقول: لا شيء إلا أنني لم أستطع الصبر على أن أدعو قبرك بعد مرور سنين عشر على وفاتك.

(٧) في هج:

«كرام أعزة»

بدل

«كرام أحبة» ... ،

«لولا مضاجعهم»

بدل

«إلا مضاجعهم»

(٨) الغرض: الضجر والملال.

(٩) في ب «هجرا» بدل «هجدا» والمثبت من هد، هج، ف.

(١٠) عماية: اسم جبل.