أخبار بيهس ونسبه
  ومراثيه لها قريبا مما تقدم ذكره. وذكر أن بيهس بن صهيب كان من فرسان العرب، وكان مع المهلَّب بن أبي صفرة في حروبه للأزارقة.(١) وكان يبدو بنواحي الشام مع قبائل جرم وكلب ويحضر إذا حضروا فيكون من أجناد الشام(١).
  يتهم في قتيل
  قال: أبو عمرو: ولما هدأت الفتنة بعد مرج راهط، وسكن الناس مرّ غلام من قيس بطوائف من جرم وعذرة وكلب، وكانوا متجاورين على ماء لهم؛ فيقال: إن بعض أحداثهم نخس «بيهس(٢)» به ناقته فألقته، فاندقّت(٣) عنقه، فمات؛ فاستعدى قومه عليهم عبد الملك، فبعث إلى تلك البطون من جاءه بوجوههم وذوي الأخطار منهم، فحبسهم، وهرب بيهس بن صهيب الجرمي، وكان قد اتّهم أنه هو الذي نخس به، فنزل على محمد بن مروان / فعاذبه، واستجاره، فأجاره إلا من حدّ توجبه عليه شهادة، فرضي بذلك، وقال وهو متوار عند محمد:
  لقد كانت حوادث معضلات ... وأيام أغصّت بالشّراب
  وما ذنب المعاشر في غلام ... تقطَّر بين أحواض الجباب(٤)
  على قوداء أفرطها جلال ... وغضّ فهي باقية الهباب(٥)
  ترامت باليدين فأرهقته ... كما زلّ النّطيح من القباب(٦)
  فإني والعقاب وما أرجّى ... لكالسّاعي إلى وضح السّراب
  فلمّا أن دنا فرج بربّي ... يكشّف عن مخفّقة يباب(٧)
  من البلدان ليس بها غريب ... تخبّ بأرضها زلّ الذئاب(٨)
  فظنّي بالخليفة أنّ فيه ... أمانا للبريء وللمصاب
  وأنّ محمدا سيعود يوما ... ويرجع عن مراجعة العتاب
  / فيجبر صبيتي ويحوط جاري ... ويؤمن بعدها أبدا صحابي
  هو الفرع الذي بنيت عليه ... بيوت الأطيبين ذوي الحجاب
  قال: فلم يزل محمد بن مروان قائما وقاعدا في أمرهم مع أخيه، حتى أمّن بيهس بن صهيب وعشيرته، واحتمل دية المقتول لقيس(٩) وأرضاهم.
(١ - ١) التكملة من هد، هج.
(٢) زدنا كلمة «بيهس» ليتسق الكلام على نحو ما سيجئ.
(٣) العنق يذكر ويؤنث.
(٤) تقطر: وقع على قطره من علو، وفي هد، ف: «الخباب» وفي هج: «الحباب» بدل «الجباب»، وهي أسماء أماكن.
(٥) القوداء: الطويلة العنق والظهر، يريد ناقة قوداء، أفرطها جلال: ضخمة، وغض: لها المراد غض البصر بمعنى أنها لا تسير على هدى، الهباب: الصياح، وفي هج: «عصى» بدل «غض».
(٦) النطيح: المنطوح، وفي هد، ف: «زال» بدل «زل»، وفي ب «الحقاب» ورجحنا رواية هج «القباب»، وفي ف، هد، هج: «البطيح» بالباء.
(٧) المخفقة: الخالية، لعله يريد المكان الذي هرب إليه.
(٨) زل: جمع أزل: السريع العدو الخفيف الوركين، وفي ف، هد، هج: «الذباب» بدل «الذئاب».
(٩) في ب «بعسر» بدل «لقيس» وهو تحريف والتصويب، من هد، ج، ف.