كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار إبراهيم بن المدبر

صفحة 395 - الجزء 22

  كيف السرور وأنت نازحة ... عنّي وكيف يسوغ لي الطرب!

  إن غبت غاب العيش وانقطعت ... أسبابه وألحّت الكرب

  وأنفذ الجواب إليها، فلم يلبث أن جاءت، فبادر إليها، وتلقاها حافيا حتى جاء بها على / حمار مصري كان تحتها إلى صدر مجلسه، يطأ الحمار على⁣(⁣١) بساطه وما عليه، حتى أخذ بركابها، وأنزلها في صدر مجلسه وجلس بين يديها، ثم قال:

  ألا رب يوم قصّر اللَّه طوله ... بقرب عريب حبّذا هو من قرب

  بها تحسن الدنيا وينعم عيشها ... وتجتمع السرّاء للعين والقلب

  من شعره في جاريتي عريب

  حدثني عليّ بن سليمان قال: أنشدني أبي قال:

  أنشدني⁣(⁣٢) إبراهيم بن المدبر، وقد كتب إلى بدعة وتحفة يستدعيهما، فتأخرّتا عنه فكتب إليهما:

  قل يا رسول لهذه ... ولهذه بأبي هما

  قد كان وصلكما لنا ... حسنا ففيم قطعتما؟

  أعريب سيّدة النسا ... ء بهجرنا أمرتكما؟

  كلَّا وبيت اللَّه بل ... هذا جفاء منكما

  صوت له غنته عريب

  وأنشدني عليّ بن العباس لإبراهيم بن المدبر، وفيه لعريب هزج، وقال:

  ألا يا بأبي أنتم ... نأت دار بنا عنكم

  فإن كنتم تبدلتم ... فما من بدل منكم

  وإن كنتم على العهد ... فأحسنتم وأجملتم

  / ويا ليت المنى حقّت ... فنبديها ولا تكتم

  فكنتم حيثما كنا ... وكنّا حيثما كنتم

  من شعره في سجنه

  وحدثني عليّ قال: حدثني أبي قال:

  / دخلت ليلة على إبراهيم بن المدبر في أيام نكبته ببغداد في ليلة غيم، فلاح برق من قطب الشمال ونحن نتحدث، فقطع الحديث، وأمسك ساعة مفكرا، ثم أقبل عليّ فقال:


(١) الفعل متعد بنفسه، واستعمله «اللسان» كما جاء هنا فقال في مادة وطأ: لأن من يطأ على الشيء برجله فقد استقصى في هلاكه وأهانته.

(٢) في س وب زيادة «أبي».