ذكر الخبر في هذه الغارات والحروب
  فأمّه(١). ومات الغلام، وخرج سويد هاربا حتى لحق بمكة وعلم أنه لا يأمن، فحالف بني نوفل بن عبد مناة واختطَّ(٢) بمكة، فمن ولده أبو أهاب / بن عزيز(٣) بن قيس بن سويد، وكانت طيّئ تطلب عثرات زرارة وبني أبيه حتى بلغهم ما صنعوا بأخي الملك، فأنشأ عمرو بن ثعلبة بن ملقط الطائي يقول:
  من مبلغ عمرا بأنّ المر ... ء لم يخلق صباره(٤)
  وحوادث الأيام لا ... تبقى لها إلا الحجارة
  أن ابن عجزة أمه ... بالسّفح أسفل من أواره
  - قال هشام: أول(٥) ولد المرأة يقال له: زكمة، والآخر: عجزة - تسفي الرياح خلاله سحيا وقد سلبوا إزاره(٦)
  فاقتل زرارة لا أرى ... في القوم أفضل من زراره
  هرب زرارة وعودته
  فلما بلغ هذا الشعر عمرو بن هند بكى، حتى فاضت عيناه، وبلغ الخبر زرارة، فهرب، وركب عمرو بن هند في طلبه فلم يقدر عليه، فأخذ امرأته وهي حبلى فقال: أذكر في بطنك أم أنثى؟ قالت: لا علم لي بذلك، قال: ما فعل زرارة الغادر الفاجر؟ فقالت: إن(٧) كان ما علمت لطيّب العرق سمين المرق ويأكل ما وجد، ولا يسأل عما فقد، لا ينام ليلة يخاف، ولا يشبع ليلة يضاف. فبقر بطنها.
  فقال قوم زرارة لزرارة: وللَّه ما قتلت أخاه، فأت الملك، فاصدقه الخبر، فأتاه زرارة، فأخبره الخبر فقال:
  جئني بسويد، فقال: قد لحق بمكة، قال: فعليّ ببنيه السبعة، فأتى ببنيه / وبأمهم بنت زرارة(٨) وهم غلمة بعضهم فوق بعض، فأمر بقتلهم، فتناولوا أحدهم فضربوا عنقه، وتعلَّق بزرارة الآخرون فتناولوهم، فقال زرارة: يا بعضي دع بعضا(٩)، فذهبت مثلا. وقتلوا.
  عمرو ينكل ببني تميم
  وآلى عمرو بن هند بأليّة ليحرقنّ من بني حنظلة مائة رجل، فخرج يربدهم وبعث على مقدّمته الطائيّ عمرو بن ثعلبة(١٠) بن عتّاب بن ملقط، فوجدوا القوم قد نذروا، فأخذوا منهم ثمانية وتسعين رجلا بأسفل أوارة من ناحية
(١) أمه: شج رأسه.
(٢) اختط: نزل خطة بمكة، وفي هد، هج: «مناب» بدل «مناة».
(٣) في س، ب: «أهاب من عزيز».
(٤) صبارة مثلثة الصاد: الحجارة الملمس.
(٥) في «القاموس» و «الصحاح»: آخر ولد الأبوين، وعليه فهو مرادف للعجزة.
(٦) سحيا: قشرا.
(٧) إن هنا مخففة من الثقيلة.
(٨) في س، ب: «زرارة غلمة» وهو تحريف.
(٩) مثل يضرب في تعاطف ذوي الأرحام، وأراد بقوله: يا بعضي أولاد بنته لأنهم جزء منه، وبقوله: بعضا نفسه.
(١٠) في س، ب: «غياث».