كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبيدة الطنبورية

صفحة 412 - الجزء 22

  قريب غير مقترب ... ومؤتلف كمجتنب

  له ودّي ولي منه ... دواعي الهم والكرب

  أواصله على سبب ... ويهجرني بلا سبب

  ويظلمني على ثقة ... بأنّ إليه منقلبي

  فطرب إسحاق، وشرب نصفا، ثم غنّت وشرب نصفا، ولم يزل كذلك حتى والى بين عشرة أنصاف، وشربناها معه؛ وقام ليصلَّي، فقال لها هارون بن أحمد بن هشام: ويحك يا عبيدة! ما تبالين واللَّه متى مت، قالت⁣(⁣١): ولم؟ قال: أتدرين من المستحسن غناءك والشارب عليه ما شرب؟ قالت: لا واللَّه، قال: إسحاق بن إبراهيم الموصليّ، فلا تعرّفيه أنك قد عرفته. فلما جاء إسحاق ابتدأت / تغنّي، فلحقتها هيبة له، واختلاط، فنقصت نقصانا بيّنا، فقال لنا: أعرّفتموها من أنا؟ فقلنا له: نعم. عرّفها إيّاك هارون بن أحمد، فقال إسحاق: نقوم إذا، فننصرف، فإنه لا خير في عشرتكم الليلة ولا فائدة لي ولا لكم، فقام فانصرف.

  حدثني بهذا الخبر جحظة عن جماعة منهم العباس بن أبي العبيس، فذكر مثله وقال فيه: إن الصوت الذي غنّته.

  / يا ذا الذي بعذابي ظلّ مفتخرا

  المسدود يأبى أن يغني قبلها

  حدثني جحظة قال: حدثني محمد بن سعيد الحاجب قال: حدثني ملاحظ غلام أبي العباس بن الرشيد. وكان في خدمة سعيد الحاجب، قال:

  اجتمع الطَّنبوريّون عند أبي العباس بن الرشيد يوما، وفيهم المسدود وعبيدة، فقالوا للمسدود: غنّ، فقال: لا واللَّه، لا تقدّمت⁣(⁣٢)، عبيدة، وهي الأستاذة، فما غنّى حتى غنّت.

  لم تدخل عليه بعد أن تزوج

  وحدثني جحظة، قال: حدثني شرائح الخزاعيّ صاحب ساباط شرائح بسويقة نصر وساباط شرائح مشهور قال:

  كانت عبيدة تعشقني فتزوّجت فمرت بي يوما فسألتها الدّخول إليّ فقالت يا كشخان⁣(⁣٣)، كيف أدخل إليك وقد أقعدت في بيتك صاحب مصلحة⁣(⁣٤)! ولم تدخل.

  ما كتب على طنبورها

  وحدثني جحظة قال:


(١) كذا في ف، وفي س، ب: «قال».

(٢) في ف: «ما» بدل «لا» وهي أوضح إلا إذا أريد الدعاء فتصبح «لا».

(٣) الكشخان: من لا يغار على حريمه.

(٤) كذا في ف وفي س، ب: «مسلحة».